الإمام ناصر محمد اليماني
25 - 05 - 1433 هـ
17 - 04 - 2012 مـ
06:25 صباحاً
[ لمتابعة رابط المشاركة الأصليّة للبيان ]
https://nasser-alyamani.org./showthread.php?p=40225
____________
ردّ الإمام المهدي إلى خالد (هلخ) الذي أنكر حزن الله وتحسّره على الذين ظلموا أنفسهم من عباده الضالين ..
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على جدّي محمد رسول الله وآله الأطهار، وجميع أنصار الله إلى اليوم الآخر، وبعد..
سلامُ الله عليكم معشر الأنصار السابقين الأخيار في عصر الحوار من قبل الظهور، فصبرٌ جميلٌ على الذين لا يؤمنون إنّ الله هو أرحم الراحمين، والسؤال الذي يطرح نفسه هو: لماذا يصف الله نفسه أنّه أرحم الراحمين؟ والجواب : كون صفة الرحمة مشتركة في نفس الله وأنفس الرحماء من عباده ولكنه وصف نفسه أنه أعظم منهم رحمةً، فكيف تجعل صفة الرحمة في نفس الله غير صفة الرحمة في أنفس عباده؟ ولا نتكلم عن صفات الله الظاهريّة سبحانه، فليس كمثله شيء بل عن صفات خفيّة في نفس الله سبحانه ومنها صفات مشتركة بين الربّ المعبود وعبيده، ولكن الفرق عظيمٌ بين الرحمة في نفس الله والرحمة في أنفس الرحماء من عبيده، ولذلك يصف الله نفسه أنّه أرحم الراحمين، وكذلك صفة الكرم ولكنه أكرم الأكرمين، وكذلك صفة الغفران ولكنه خير الغافرين، وهذه الصفات الحميدة هو الذي يهبها الله لمن هداه الله من عباده، ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور.
وأراك يا حبيبي في الله تنكر تحسّر أرحم الراحمين على عباده الضالين، ولا أقصد أنّ ربي يتحسَّر على المغضوب عليهم من شياطين الجنّ والإنس؛ بل على عباده الضالين الذين ضلّ سعيهم في الحياة الدنيا ويحسبون أنهم مهتدون. ويا رجل فما دمت أنكرتَ حزن الله في نفسه على عباده فقد أنكرت عظيم رحمة الله، غفر الله لك أخي الكريم. ولسوف آتيك بآيةٍ محكمة في كتاب الله وهي قول الله تعالى: {إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ ﴿٥٤﴾ فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ} صدق الله العظيم [الزخرف:54-55].
ونستنبط من ذلك أنّ الله حين ينتقم من الظالمين لأنفسهم فهو في نفس الوقت حزينٌ عليهم كون الله لا يرضى لعبادة الكفر بل يرضى لهم الشكر، ومن ثمّ تأتي الحسرة في نفس الله من بعد أن تحلّ الحسرة في أنفسهم على ما فرّطوا في جنب ربهم فيقول كلٌ منهم: {أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَىٰ عَلَىٰ مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّـهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ ﴿٥٦﴾} صدق الله العظيم [الزمر].
وإنما الحسرة في أنفسهم على ما فرّطوا في جنب ربّهم لم تحدث إلا بعد وقوع الصيحة عليهم حتى إذا حلت الحسرة في أنفسهم على ما فرّطوا في جنب ربّهم فمن ثم تحسّر عليهم ربّهم وهو أرحم الراحمين، وقال الله تعالى: {يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ ۚ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴿٣٠﴾ أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ ﴿٣١﴾} صدق الله العظيم [يس].
ويا رجل، فهل حسب فتواك أنّ غضب الله غير غضب الناس؟ بل إنّ الغضب والمقت في نفس الله هو ذاته الذي في أنفس عباده، وقال الله تعالى: {الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّـهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ ۖ كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّـهِ وَعِندَ الَّذِينَ آمَنُوا ۚ كَذَٰلِكَ يَطْبَعُ اللَّـهُ عَلَىٰ كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ ﴿٣٥﴾} صدق الله العظيم [غافر].
وإنما مقت الله أكبر من مقت الناس لبعضهم بعضاً. وقال الله تعالى: {لَمَقْتُ اللَّـهِ أَكْبَرُ مِن مَّقْتِكُمْ أَنفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ} صدق الله العظيم [غافر:10].
ويقصد الله تعالى بقوله: {أَكْبَرُ مِن مَّقْتِكُمْ أَنفُسَكُمْ} أي بعضكم بعضاً، ويقصد مقت المؤمنين للكافرين بربّهم فيكفرون بدعوتهم، ولذلك قال الله تعالى: {لَمَقْتُ اللَّـهِ أَكْبَرُ مِن مَّقْتِكُمْ أَنفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ} صدق الله العظيم. فلا تكن من الذين لا يعقلون ولا يتفكرون من الذين قالوا إنّ البيان الحقّ لقول الله تعالى: {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ} [النساء:66]، فقالوا أنّ الله يقصد أن يقتلَ كلُّ واحدٍ نفسَه، فوقعوا في المتشابه من القرآن، فانظر لتأويلهم الباطل المناقض لمحكم كتاب الله كما يلي:
وإنما غرّهم كلمة من متشابه القرآن وهي كلمة {أَنفُسَكُمْ}، وسبقت فتوانا أنه يقصد بعضهم بعضاً. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّـهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَـٰكِنَّ اللَّـهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} صدق الله العظيم [البقرة:251].
ولكنهم عكسوا الآية بالتأويل الباطل رأساً على عقب، وأفتوا أنّ الله يقصد لو أنّ كلّ واحدٍ يقتل نفسه من اليهود لآتاه الله من لدنه أجراً عظيماً وهداه صراطاً مستقيماً! ويا عجبي فكيف يهديه الله بعد أن قتل نفسه؟ ويا سبحان الله! بل من قتل نفسه فسوف يصليه الله ناراً. وقال الله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴿٢٩﴾ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا ۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّـهِ يَسِيرًا ﴿٣٠﴾} صدق الله العظيم [النساء].
ولكنها سبقت فتوانا أنّ كلمة أنفسكم من المتشابهات ويختلف بيانها حسب موضعها في الكتاب، ففي مواضع تخصُّ الذات، وفي مواضع أخرى يقصد بقوله أنفسكم أي بعضكم بعضاً.
مثال قال الله تعالى: {لَمَقْتُ اللَّـهِ أَكْبَرُ مِن مَّقْتِكُمْ أَنفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ} صدق الله العظيم [غافر:10]، فهل المؤمن بالله يمقت نفسه؟ بل المؤمن يمقت الكافر بربِّه، أي لمقت الله أكبر من مقتكم لبعضكم بعضاً إذ تُدعون للإيمان فتكفرون. فاتقوا الله يا رجل ولا تجادلوا في آيات الله بغير سلطان آتاكم من ربكم، وإنما أردنا أن نبيّن لكم كم تفاسير كثير من علمائكم بعكس الحقّ المقصود من كلام الله، فلا تكن من الذين يقولون على الله بالتفسير ما لا يعلمون إنّي لك ناصح أمين أخي الكريم خالد (هلخ)؛ بل كأنّ اسمك من المستهزئين! والله أعلم بما في نفسك، فهل جئتنا لتبحث عن الحقّ أم لتصدّ عنه صدوداً؟ فاتق الله يا رجل فقد أنكرت الأساس لدعوة المهديّ المنتظَر الذي يدعوكم لتتخذوا رضوان الله غاية وذلك لتحقيق الحكمة من خلقكم، فكن من الشاكرين إذ جعلك الله في أمّةٍ عصر بعث المهديّ المنتظَر إنّ ذلك فضل من الله عظيم على الشاكرين في هذه الأمّة وحسرة على المعرضين.
وسلامٌ على المرسلين والحمد لله ربّ العالمين ..
أخوكم؛ الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني .
_____________