- 1 -
الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني
19 - شعبان - 1428 هـ
01 - 09 - 2007 مـ
07:11 مساءً
( بحسب التقويم الرسمي لأمّ القرى )
[ لمتابعة رابط المشاركة الأصلية للبيان ]
https://nasser-alyamani.org./showthread.php?p=156
ــــــــــــــــــــــ
ردّ صاحب علم الكتاب المهديّ بالجواب من الكتاب لأولي الألباب، حول مواقيت الصلاة الخمس عمود الدين ..
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمُرسَلين محمد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم وعلى جميع الأنبياء والمُرسَلين الذين من قبله وعلى جميع المسلمين التابعين، ومن ابتغى غير الإسلام ديناً فلن يُقبل منه وهو في الآخرة لمن الخاسرين ولا نفرّق بين أحد من رُسله ونحن له مسلمون، ثم أمّا بعد..
إليكم الجواب على السؤال الأول وأهم الأسئلة أجمعين حول مواقيت الصلاة الخمس عمود الدين:
عليك أن تعلم أيها السائل بأنّ أمر الصلاة قد تلقّاهُ مُحمدٌ رسول الله مُباشرةً بالتكليم من وراء الحجاب ليلة الإسراء إلى المسجد الأقصى والمعراج إلى سدرة المُنتهى ليُريه الله من آياته الكُبرى بعين اليقين؛ بالعلم لا بالحُلم، وكذلك مرّ بأصحاب النّار الذين يدخلونها بغير حساب قبل يوم الحساب من شياطين الجنّ والإنس، وكذلك الذين تأخذهم العزّة بالإثم بعد ما استيقن الحقّ أنفسهم فأعرضوا عنه وهم يعلمون أنّه الحقّ من ربّهم، أولئك يدخلون النّار بغير حساب قبل يوم الحساب، ويوم الحساب يُدخلون أشدُّ العذاب.
وقد مرّ مُحمدٌ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم بأصحاب النّار في طريقه ليلة الإسراء بجسده وروحه فشاهد أصحاب النّار بعين اليقين عِلماً وليس حُلُماً؛ بل أُسري به بقدرة الله الواحد القهّار. تصديقاً لقول الله تعالى في كتابه القُرآن العظيم: {وَإِنَّا عَلَىٰ أَن نُّرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ ﴿٩٥﴾} صدق الله العظيم [المؤمنون].
وكان ذلك برغم المسافة العُظمى بين الثرى وسدرة المُنتهى والتي جعلها الله مُنتهى المعراج للمخلوق وما بعدها الخالق، وتلك الشجرة المباركة لا شرقيّة ولا غربيّة نظراً لأنّها تُحيط بعرش الملكوت كلّه شرقاً وغرباً.
ولو كانت شرقيّة لعلمنا أنها صغيرةُ الحجم، نظراً لتواجدها في مكانٍ بناحية الشرق، ولو كانت غربيّة لرأينا الأمر كذلك، وبرغم جهة المشارق وجهة المغارب فلو كانت صغيرة لكانت إمّا شرقيّة وإمّا غربيّة، ولكنّا وجدناها في القُرآن بأنّها ليست شرقيّة وليست غربيّة، ومن ثم بحثنا عن هذه الشجرة المباركة وعن سرّها وموقعها فوجدناها هي العرش الأعظم والمحيط بالسموات والأرض؛ بل وتحيط بالجنّة التي عرضها كعرض السموات والأرض.
وقد يودّ سائل أن يقول: "إذا كانت الجنّة عرضها السموات والأرض فكم الطول؟". ومن ثُمّ نقول: ليس للكرة طولٌ بل عرض، والكون كرة وتحيط به أربعة عشر كرة وهُنّ السموات السبع والجنّة التي عرضها السموات والأرض، وكلّ سماء أوسع حجماً من التي قبلها. بمعنى أنّ السماء الدُّنيا هي أصغر السموات السبع، وهي الطبق الأول فتأتي من بعدها طبق السماء الثانية وهي الدور الثاني، فتكون أكبر حجماً من الأولى، وكُلّ بناءِ سماءٍ يحيط بالرقم الأدنى منه إلى أكبر السموات وهي الرقم سبعة أوسعهنّ حجماً، وتُحيط السماء السابعة بالسموات الست جميعاً وهي أوسعهن حجماً، وذلك معنى قوله تعالى: {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ ﴿٤٧﴾} صدق الله العظيم [الذاريات].
بمعنى أن كُلّ سماء تُحيط بالأدنى منها، فالسماء الأولى تحيط بها السماء الثانية لأنها أوسع منها حجماً، وكلما ارتفعت في السموات تجد بناءَهن أوسع فأوسع إلى السماء السابعة، ومن ثُمّ يأتي من بعد ذلك كُرة الجنّة التي عرضها كعرض السموات والأرض إلى الأرض الأُمّ مركز الانفجار الكوني، ومن ثُمّ يأتي من بعد ذلك الشجرة المُباركة والتي تُحيط بما خلق الله أجمعين ومنتهى ما خلقه الله ومنتهى حدود الملكوت الشامل فتحيط بما قد خلق وهي تُحيط بالخلائق، وأعلى منها الخالق يغشى السدرة ما يغشى من نور وجهه تعالى؛ بل هي عَلَمٌ كبير يُعرف بها موقع الجنّة التي هي أقرب شيء إليها.
وبما أنّنا نعلم بأنّ الجنّة عرضها كعرض السماء والأرض ولكنّنا نجد بأنّ سدرة المُنتهى أعظم حجماً من الجنّة التي تُحيط بالسموات والأرض، وقد وصف الله لكم حجمها في القُرآن العظيم لمن يتدبّر ويتفكّر، وقال الله تعالى: {عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَىٰ ﴿١٥﴾} صدق الله العظيم [النجم].
فإن سألني أحدكم عن بيت فلان فقلت له: الجبل الفلاني عند بيت فلان الذي تسأل عنه لقاطعني قائلاً: "كيف تجعل الجبل وهو الأكبر علامةً للبيت وهو الأصغر! بل قُل: بيتُ فلانٍ عند الجبل الفلاني". فأقول له: صدقت وصدق الله العظيم وقال: {عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَىٰ}، وذلك لأنّ السدرة أكبر حجماً من الجنّة التي عرضها كعرض السموات والأرض. أم تظنونها شجرةً صغيرةً؟ فكيف تكون الجنّة عندها وأنتم تعلمون بأنّ الجنّة عرضها السموات والأرض، أفلا تتفكرون؟
بل هي من آيات ربّه الكُبرى التي رآها محمدٌ رسول الله في مُنتهى موقع المعراج فتلقّى الكلمات من ربّه من ورائها. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ} صدق الله العظيم [الشورى:51].
وهل تظنّون الله كلّم موسى تكليماً في البقعة المُباركة جهرةً؟ بل من الشجرة المباركة وقرّبه الله نجيّاً وموسى عليه الصلاة والسلام في الأرض، وقال الله تعالى: {فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِن شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَىٰ إِنِّي أَنَا اللَّهُ ربّ العالمين ﴿٣٠﴾} صدق الله العظيم [القصص].
ولربّما يستغل الضالّون هذه الآية فيُأَوِّلونها بالباطل، فأمّا قوله تعالى في شطر الآية الأوّل فيتكلم عن موقع موسى بأنّ موقعه في البقعة المُباركة من شاطئ الوادي الأيمن، وأمّا موقع الصوت فهو من الشجرة لذلك قال الله تعالى بأنّه كلم موسى من الشجرة، وقال سبحانه: {نُودِيَ مِن شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَىٰ إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبّ العَالمِين ﴿٣٠﴾} صدق الله العظيم [القصص].
وأما النّار فالحكمة منها إحضار موسى إلى البقعة المُباركة، وهي في الحقيقة نورٌ وليست ناراً وإنّما بحسب ظنّ موسى أنّها نارٌ، ولكنه حين جاءها فلم يجدها ناراً بل نوراً آتٍ من سدرة المُنتهى، ولكن لم يرَ موسى بأنّ هذا الضوء آتٍ من السماء؛ بل كان يراه جاثماً على الأرض، فأدهش ذلك موسى عليه الصلاة والسلام، ومن ثُمّ وضع رجله على ذلك الضوء الجاثم على الأرض فلم يشعر له بحرارةٍ مستغرباً من هذا الضوء الجاثم على الأرض، فإذا بالصوت يُرحب به من الشجرة؛ سدرة المُنتهى: {نُودِيَ أَن بُورِكَ مَن فِي النّار وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ ربّ العالمين ﴿٨﴾} صدق الله العظيم [النمل].
فأمّا الذي بورك فهو موسى بعد دخوله دائرة النّور التي ظنّها ناراً، ومن ثُمّ رأى بأنّ النّور في الحقيقة مُنبعثٌ من السماء فرفع رأسه ناظراً لنور ربّه المُنبعث من سدرة المُنتهى ومن ثُمّ عرّف الله لموسى بأنّ هذا النّور مُنبعثٌ من نور وجهه سبحانه لذلك قال الله تعالى: {يَا مُوسَىٰ إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴿٩﴾} صدق الله العظيم [النمل]، وذلك لأنّ الله نور السموات والأرض ومن لم يجعل الله لهُ نوراً فما لهُ من نورٍ.
ولا يزال لدينا الكثير من البرهان لتأويل الحقّ لهذه الآية والتي يُريد أن يستغلّها المسيح الدجال فترون ناراً سحريّة لا أساس لها من الصحة، ثم ترونه إنساناً في وسطها فيكلّمكم، وخسِئ عدوّ الله. ولأنه يقول بأنّه أنزل هذا القُرآن سوف يعمَد إلى هذه الآية وقد روّج لها أولياؤه بالتأويل بالباطل للتمهيد له، ولكننا نعلم بأنّ الله ليس كمثله شيء فلا يُشبه الإنسان وليس كمثله شيء من خلقه في السموات ولا في الأرض. وهيهات هيهات لما يمكرون، وليس الله هو النّور بل النّور ينبعث من وجهه تعالى علواً كبيراً، وقال سبحانه وتعالى: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَّا شرقيّة وَلَا غربيّة يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴿٣٥﴾} صدق الله العظيم [النور].
فلا تفكّروا في ذاته، فكيف تتفكرون في شيءٍ ليس كمثله شيء؟ وتعرّفوا على عظمة الله من خلال آياته بين أيديكم ومن فوقكم ومن تحتكم وتفكّروا في خلق السموات والأرض، ومن ثُمّ لا تجدون في أنفسكم إلّا التعظيم للخالق العظيم وأعينكم تسيلُ من الدمع مما عرفتم من عظمة الحقّ سبحانه، ومن ثم تقولون: {رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَـٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴿١٩١﴾} صدق الله العظيم [آل عمران].
وأجبرني على بيان ذلك برهان حقيقة المعراج لمحمدٍ رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلم - من الثرى إلى سدرة المنتهى بالجسد والروح لكي يرى من آيات ربّه الكُبرى بعين اليقين، ثم يتلقّى الوحي مباشرةً من ربّ العالمين في فرض الصلوات الخمس التي جعلهُنّ الله الصلة بين العبد والمعبود، من أقامهُنّ أقام الدين ومن هدمهُنّ هدم الدين، فانظروا لجواب أهل النّار على المؤمنين السائلين عن سبب دخولهم النار: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ ﴿٤٢﴾ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ ﴿٤٣﴾} صدق الله العظيم [المدثر].
وقد يقول أحد المسلمين من الذين لا يُصلّون: "إنما تخص هذه الآية الكفار". ومن ثُمّ نقول له: إذا لم تُصَلِّ فأنت منهم، والعهد الذي بيننا وبينهم ترك الصلاة، فإذا لم يسجد جبينك لربك فأنت مُتكبرٌ بغير الحقّ وعصيت أمر ربّك وأطعت أمر الشيطان في عدم السجود لله ربّ العالمين يوم يُدْعَون وأولياؤهم إلى السجود فلا يستطيعون وقد كانوا يدعون للسجود لله في الدنيا وهم سالمون.
وأمّا مواقيت الصلوات الخمس فقد جاء ذلك في القرآن العظيم بأنّ ثلاثاً من الصلوات الخمس جعل الله ميقاتهُنّ في زُلفةٍ من الليل في أوّله وآخره. ومعنى الزُلفة أي: ميقاتٌ قريبٌ من أوّل النّهار وآخره. وأما اثنتين فجعلهُنّ الله في النّهار فيكونان في طرفي نهار العشيّ، ونهار العشيّ من الظُهر وينتهي بغروب الشمس، وقال الله تعالى: {إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ ﴿٣١﴾ فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَن ذِكْرِ ربّي حَتَّىٰ تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ ﴿٣٢﴾} صدق الله العظيم [ص].
فمن خلال هذه الآية نفهم بأنّ نهار العشيّ طرفه الأول حين تكون الشمس بمنتصف السماء وطرفه الآخر عند الغروب، فينتهي وقت صلاة العصر بتواري الشمس وراء الحجاب فيدخل ميقات صلاة المغرب فيستمر إلى غسق الليل فيدخل ميقات صلاة العشاء، وقال الله تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النّهار وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ} صدق الله العظيم [هود:١١٤].
فأمّا { طَرَفَيِ النّهار } فهو يتكلم عن نهار العشي وطَرفيه هما الظهر في طرف نهار العشي الأول فيكون عند وقت صلاة الظهر والطرف الآخر في وقت صلاة العصر إلى الغروب وتواري الشمس بالحجاب.
وأمّا { وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ } فقد بيّنا بأنّ الزُلفة: أي الوقت القريب من النّهار سواء في قِطْعٍ من أول الليل وهو وقت صلاة المغرب والعشاء أو قِطْعٍ من آخر الليل وهو وقت صلاة الفجر ويمتد ميقاتها إلى لحظة طلوع الشمس.
ولربّما يودّ ابن عمر أو غيره أن يقول: "مهلاً إنّما يقصد طرفي النّهار أي الفجر والمغرب، فكيف تجعل طرف النّهار وسطه؟". ومن ثم نقول: له اعلم بأن النّهار يتكون من نهار الغدوّ وهو من طلوع الشمس إلى المنتصف والإنكسار فيدخل نهار العشيّ، وأطراف نهار الغدو والعشي تحتويهما بالضبط صلاة الظهر، وقال الله تعالى: {فَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ ربّك قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النّهار لَعَلَّكَ تَرْضَىٰ} صدق الله العظيم [طه:١٣٠].
فأمّا قوله تعالى: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ ربّك قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ}، وذلك ميقات التسبيح لله في صلاة الفجر وينتهي ميقاتها بطلوع الشمس وميقاتها من الدلوك إلى الشروق بطلوع الشمس.
وأما قوله تعالى: {وَقَبْلَ غُرُوبِهَا}، وذلك ميقات التسبيح لله في صلاة العصر، وينتهي ميقاتها بتواري الشمس وراء الحجاب.
وأما قوله تعالى: {وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ}، وهو أوانه الأول ويبتدئ من الشفق بعد الغروب إلى الغسق وذلك ميقات صلاة المغرب والعشاء وهُنّ قريبات من بعضٍ، فصلاة المغرب منذ أن تتوارى الشمس في الحجاب إلى إقبال الغسق فيدخل ميقات صلاة العشاء وذلك هو أناء الليل ويقصد أوانه الأول من الشفق إلى الغسق.
وأما قوله تعالى: {وَأَطْرَافَ النّهار}، وهو مُلتقى أطراف نهار الغدو ونهار العشي، ومجمعهما في ميقات صلاة الظهر.
ولا أظنّ أحداً الآن سوف يقاطعني ليقول: "بل معنى قوله وأطراف النّهار أي طرفه من الفجر وطرفه الآخر هو العصر". فنقول: ولكنك كرّرتَ صلوات وأضعتَ أُخَرْ، فتدبّر الآية جيداً تجد بأنّه ذكر ميقات صلاة الفجر وكذلك ميقات صلاة العصر فكيف تظنّ قوله: {وَأَطْرَافَ النّهار} بأنه يقصد صلاة الفجر والعصر وهو قد ذكرهم بقوله تعالى: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ ربّك قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا}؟ إذاً ليس لك الآن إلا أن توقن بأنّه حقّاً ميقات صلاة الظهر تكون في مجمع أطراف النّهار، ومجمع أطراف نهار الغدوة ونهار الروحة يحتويهما وقت صلاة الظهر.
ونأتي الآن لذكر الصلاة الوسطى، ويقصد بأنها وسطى من ناحية وقتيّة ولا يقصد وسطى من ناحية عدديّة، وقال الله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} صدق الله العظيم [البقرة:٢٣٨].
وهذا أمر إلهي بالحفاظ على خَمس الصلوات وهنّ الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء، ومن ثم كرر التنويه بالحفاظ على الصلاة الوسطى نظراً لميقاتها الصعب، ومن ثم أمرنا أن نقوم فيها بدعاء القنوت لله ولا ندعو سواه ولا ندعو مع الله أحداً.
وكذلك هذه الصلاة مشهودةٌ من قبل المعقّبات والدوريّات الملائكيّة، وتلك هي صلاة الفجر، وصلاة الفجر هي الصلاة الوسطى، ودخول ميقاتها هو الوحيد المعلوم في القُرآن بمنتهى الدقة للجاهل والعالم، وذلك في قوله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يتبيّن لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} صدق الله العظيم [البقرة:١٨٧].
فميقاتها بالوسط بين الليل والنّهار وتلك لحظة الإمساك والأذان للفجر والإمساك معاً، ومن ثمّ يتمّون الصيام إلى الليل وهو ميقات صلاة المغرب، ومن ثم يأتي ذكر الصلوات الخمس مع التنويه والتوضيح أيّهم الصلاة الوسطى وذلك في قوله تعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَىٰ غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} صدق الله العظيم [الإسراء:٧٨].
وهذه الآية تحتوي على الصلوات الخمس مع تكرار التنويه للحفاظ على الصلاة الوسطى مع التوضيح أيّها من الصلوات، وقال الله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} صدق الله العظيم [البقرة:٢٣٨].
فقد بيّن لنا أيّها بإشارة دعاء القنوت فيها وتلك هي الصلاة الوسطى، ومن ثم تأتي آيةٌ أخرى لتوضيحٍٍ أكثر للصلاة الوسطى بعد أن ذكر الوقت الشامل للصلوات الخمس في قوله تعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَىٰ غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} صدق الله العظيم [الإسراء:٧٨].
فهذه الآية ذكرت جميع الصلوات الخمس بدءًا من دلوك الشمس بالأرض من ناحية المشرق فتبيّن لنا الخيط الأسود من الخيط الأبيض من الفجر فهل كان ذلك إلا بسبب دلوك الشمس من المشرق؟ وذلك ميقات صلاة الفجر أول ما يقوم النائم المصلي لأدائها فيستمر في أداء الصلوات الخمس من أوّلهن عند دلوك الشمس، فيبيّن لنا دلوك الشمس ظهور الخيط الأبيض بالمشرق إلى غسق الليل وهي آخر الصلوات وتلك هي صلاة العشاء، ومن ثمّ يأتي التنويه للقيام والحفاظ على الصلاة الوسطى، وذلك قوله تعالى: {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} صدق الله العظيم [الإسراء:٧٨].
إذاً صلاة الفجر هي الصلاة الوسطى والمشهودة من قبل ملائكة الليل والدور والتسليم لملائكة النّهار وهنّ المعقّبات بالليل والنّهار.
وقضي الأمر بالنسبة لسؤال مواقيت الصلوات، وسوف ننظر باقي الأسئلة في وقت لاحقٍ إن شاء الله ونردّ على ما شاء الله منها.
أخو المسلمين والمسلمات في الله، الذليل عليهم الإمام ناصر محمد اليماني.
_____________