___________
{فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَـٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} صدق الله العظيـم ..
بِسْمِ الله الرَّحمنِ الرَّحيم، والصَّلاة والسَّلام على خاتمِ الأنبياءِ والمُرسَلين جدّي محمد رسول الله وآله الأطهار وكافّة الأنصار التَّابِعينَ للحَقِّ في الأوَّلينَ وفي الآخرين وفي المَلإِ الأعلى إلى يوم الدّين..
السّلامُ عليكم معشَر المُسلمين ورحمة الله وبركاته، السَّلامُ علينا وعلى عبادِ الله الصّالِحينَ، وسَلامٌ على المُرسَلينَ، والحمدُ لله ربِّ العالَمين..
فإنِّي أنا الإمام المهديّ المنتظَر ناصِر مُحَمَّد اليمانيّ وأفتيكم بالفتوَى الحقّ مُقَدَّمًا أنّكم لن تُصَدِّقُوا الحقَّ مِن ربِّكم فتَتّبِعوه حتى تُصَدِّقوا عُقولَكم التي لا تَعمَى عن الحَقِّ أبدًا، تصديقًا لقول الله تعالى: {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَـٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} صدق الله العظيم [سورة الحج:46].
ولذلكَ سوفَ أفتيكم بالحَقِّ أنَّ عُقولكم حَتمًا ولا شكَّ ولا رَيْبَ ستكونُ إلى جانِبِ الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني، فحتى تَعلموا الحَقّ مِن الباطِل فعليكم استِخدام العَقل فهو المُستَشارُ الأمين (نِعمةٌ مِن ربّ العالَمين مَيَّزَ به الإنسانَ عن الحيوان)؛ ألا وإنّ العقل هو التَّفكُّر مِن قَبل الحُكمِ حتى يُمَيَّز بين الحقّ والباطِل، تصديقًا لقول الله تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَىٰ وَالْبَصِيرُ ۚ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ} صدق الله العظيم [سورة الأنعام: 50].
ولو يَستَشيرُ أحدُكم الآن عَقلَه فيقول له: "لقد سَمِعتُ عن شَخصٍ في الإنترنت العالَميّة يقول أنّه المهديّ المنتظَر ويقول أنّ الذي أفتاه أنّه المهديّ المنتظَر هو جدُّه محمد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، ويقولُ إنّ جدّه محمد رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - أفتاهُ في الرُّؤيا الحقّ بإذن الله أنّه لا يُجادِلهُ أحدٌ مِن القرآنِ إلّا غلَبَهُ بالحقّ، فماذا تَرى أيّها العقلُ المُكرّم الذي لا يَعمَى عن الحقّ؟ فهل ناصر محمد اليماني هو حقًّا المهديّ المنتظَر أم إنّهُ شيطانٌ أشِر؟". ومِن ثمّ يَرُدّ عليه عَقله بالاعتِذار ويقول: "اعذِرني يا صاحبي فلن أستَطيعَ أن أفتيكَ بالحقّ حتى أتفكّرَ في سُلطانِ عِلم هذا الرجل ومِن ثمّ أفتيكَ بالحقّ". ومِن ثمّ يَرُدّ الإنسان على عقلِه فيقول: "نحن سَمِعنا عن آبائنا كابِرًا عن كابرٍ في الرِّواياتِ عن رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - أنّ اسمَ المهديّ المنتظَر (محمد)". ومِن ثمّ يردّ على الإنسانِ عقلُه فيقول: "فاعرِض علَيَّ سُلطان عِلمِكم في الاسم وكذلك سُلطان عِلم ناصر محمد اليماني حتى أحكُمَ بينكم بالحقّ". ومِن ثمّ يرُدُّ الإنسان على عقلِه فيقول: "إنّ سُلطانَ عِلمِنا هو الحديثُ الذي نحنُ مُتّفِقونَ عليه سُنَّةً وشيعةً عن محمدٍ رسولِ الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - في شأنِ اسمِ الإمام المهديّ قال: [يواطئ اسمه اسمي]". ومِن ثمّ يَرُدّ العقلُ على الإنسان ويقول: "ألم تقولوا أنّ محمدًا رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - أفتاكم أنّ اسمه الإمام المهديّ محمد؟". ثمّ يَرُدّ عليه الإنسان الشّيعي أو السُنّي: "اللهمّ نعم، وبسُلطان عِلمِنا شيعة وسُنّة مُتَّفِقونَ على أنّ اسمه محمدٌ بدَليلِ قوله عليه الصّلاة والسّلام: [يواطئ اسمه اسمي]". ومِن ثمّ يقولُ العقلُ لصاحِبه: "فهل يوجدُ حديثٌ عن الرسول - عليه الصّلاة والسّلام - يفتيكُم شيعةً وسُنّةً أنّ اسمَ الإمام المهديّ (محمد)؟ أم لم يَلفِظ بذلكَ فُوهُ محمدٍ رسول الله إليكم؟". ثمّ يَرُدُّ عليه الإنسان: "كلّا لا يُوجَدُ أيّ حديثٍ أو رواية تفتِي باللّفظِ أنّ اسمه محمد، وإنّما يُشيرُ محمد رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - في كافّة الأحاديثِ أنّ الاسم محمد يُواطِئ اسم المهديّ، فماذا تَرى أيّها العقل المُكرّم الذي لا يعمَى عن الحقّ؟". ومِن ثمّ يَرُدّ عليه العقلُ ويقول: "مهلًا.. فانتظِر الحُكم بالحقّ ولكن بعد أن تأتِينِي بسُلطانِ عِلمِ ناصر محمد اليماني في شأنِ الاسم". ثمّ يَرُدّ على عَقله الإنسانُ السُنّي أو الشّيعي فيقول: "إنّ ناصر محمد يقول إنّ لِحَديثِ التّوَاطُؤ حكمةً بالغةً، وإنّما يُشير إلى الاسم محمد أنّه يُواطِئُ في اسم المهديّ ناصر محمد وذلك لأنّ الإمام المهديّ لم يَبعَثهُ الله نبيًّا جديدًا بكتابٍ جديدٍ وإنّما يَبعَثُ الله الإمام المهديّ ناصرًا لمحمدٍ صلّى الله عليه وآله وسلّم، ويقول أنّ التّواطُؤ ليس التّطابُق؛ بل التّواطؤ هو التّوافُق؛ أي أنّ الاسم (محمد) يُوَافِق في اسم المهديّ (ناصر محمد) لكي يُوافِق الاسم الخَبَر (ناصر محمد) فيُصبِح الاسم هو ناصر و(محمد) هو الخَبَر الذي جاء به ناصر محمد، ويقول إنّما الأحاديث الحقّ عن النّبيّ - صلّى الله عليه وآله وسلّم - تَحمِلُ في طيّاتها الحِكمَة البالِغَة، تصديقًا لقول الله تعالى: {لَقَدْ مَنَّ اللَّـهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ﴿١٦٤﴾} صدق الله العظيم [سورة آل عمران]، ولذلك فإنّ في حديث التَّواطُؤ حِكمةً بالغةً بأن تكون هناك علاقةٌ بين الاسم (محمد) و(ناصر محمد)، ويقول أنّ الحِكمَة لكي يَحمِلَ الاسم الخَبَر ورايَة الأمرِ التي جاء بها ناصر محمد". ومِن ثمّ يَرُدّ على الإنسان الشّيعي أو السُني عقلُه فيقول: "عليك أن تَعلمَ يا صاحبي أنّ تأويله لحديثِ التَّواطُؤ قد قَبِلَهُ المَنطِقُ الفِكريّ". وقال: "وكيف يَبعثُ اللهُ المهديَّ المنتظَر محمد بن عبد الله؟ فهنا تنعَدِمُ حِكمَةُ التَّواطُؤ تمامًا، فما هي الحِكمَة في أن يَجعلَ اسمَ الإمام المهديّ محمد بن عبد الله وهو ليس بنبيٍّ ولا رسول؟! بل يَبعَثُه الله ناصرًا لمحمد صلّى الله عليه وآله وسلّم، إذًا التَّواطُؤ هو حقًّا التَّوافُق وليس التَّطابُق؛ فلو أنّ مُسافرًا مِن الصين يُريدُ مَكَّة وآخرَ مُسافِرًا مِن دولةٍ أخرى يُريدُ مَكَّة فأين نقطةُ التَّوافُق في سَفَرِهِما؟ والجوابُ المَنطِقِي أنَّها مَكَّة المُكَرَّمة." ثمّ يقول العقل: "إذًا يا صاحبي فبما أنّ التَّوَاطُؤ هو التَّوافُق فقد أصبحَ المنطِقُ مع ناصر محمد اليماني، وذلك لأنّ سفَر هذين الاثنين ليس مُتطابقًا فلم يأتِيا مِن مكانٍ واحدٍ ومِن دولةٍ واحِدةٍ إلى مكة؛ بل تَواطَآ في مكة فهي نقطة التَّوافُق في سَفَرِهم (مكة المكرمة)، وكذلك الاسم ناصر محمد نقطةُ التَّواطُؤ هي في الاسم (محمد)، وانتهَت فتوى العقل والمَنطِق وصدّقتها الحِكمة البالغة، ولكن يا صاحبي ما دُمتُ عقلَكَ المُستَشار الأمين فأقول لك إنّ الاسم لا يُغني شيئًا عن العِلم فسوفَ نَجِد ألف مليونٍ مِمَّن يُسمّى ناصر محمد أو محمد بن عبد الله فلا بدّ أن يَصدقَه الله رُؤياهُ بالحقّ فيُؤَيِّده بسلطانِ العِلمِ مِن مُحكَمِ كتابه حتى لا يُحاجّه عالِمٌ أو جاهِلٌ مِن القرآن إلَّا غلبَه بالحقّ، فإن تَحقّقَت هذه الرؤيا على الواقِع الحقيقيّ فقد أصدقَ اللهُ عبدَه الرؤيا بالحقّ على الواقِع الحقيقيِ كما أصدَقَ الله محمدًا رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - فيَدخُل مكة مُعتَمِرًا بكُل عِزّةٍ بعد أن أخرَجُوه منها وهو خائِفًا يتَرقّب، وأرادَ الله أن يكون ميعادُ رُجوعِ نبيّه إلى مكة وهو في عزّةٍ وإباءٍ وشُموخٍ وأهل مكة مُختَبئينَ في دِيارِهم خائِفين فلا يتجرّأونَ أن يَخرُجوا إلى شوَارعهم خشيةً مِن محمدٍ رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - كما خرجَ محمدٌ رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - مِن مكة خائفًا يَترقّبُ مِن أهل مكة، وقال الله تعالى: {لَّقَدْ صَدَقَ اللَّـهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ ۖ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاءَ اللَّـهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ ۖ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَٰلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا ﴿٢٧﴾} صدق الله العظيم [سورة الفتح]. وكذلك ناصر محمد اليماني إن كان حقًّا مَبعوثًا مِن ربّ العالَمين فلا بُدَّ أن يَصدقه الله رؤياهُ بالحقّ فلا يُجادِله أحدٌ مِن القرآن إلّا غلَبهُ بالعِلم والسُّلطانِ مِن القرآن كما أفتاهُ الله ورسوله، ولكن ما يُدريكم أنّهُ لم يَفتَرِ على الله ورسوله؟ وبما أنّ الرؤيا إنّما تَخصُّ صاحبَها فلا يُبنَى عليها حُكمٌ شَرعيٌّ للأمّة ولذلك فلا بدّ أن يَصدُقَ اللهُ خليفتَه بالحقّ فلا يُجادِله أحدٌ مِن القرآن إلّا غلبَهُ بسُلطانِ العِلم مِن القرآن العظيم تصديقًا للرُّؤيا الحقّ مِن ربّ العالَمين على الواقِع الحقيقيّ، وبما أنّي عقلُكَ المُستشار بالتَّفكّر والمَنطِق الحقّ فلا بدّ أن أتفكّر وأتدبّر في سُِلطان عِلم الإمام ناصر محمد اليماني وكذلك في سُلطانِ عِلم مَن يُجادِله فيَتبيَّنَ لي أيُّهُم حُجّتُه هي الدَّاحِضَة".
انتَهت فَتوَى عَقل الإنسانِ المَخلوق مِن طينٍ، وجميع عُقول البشَر لن تَحيدَ عن هذه النّتيجة شيئًا برغم أنّها بَصيرةُ عقلٍ واحدٍ ولكن جميع العُقولِ لا تعمَى عن الحقّ إذا استَخدَمها الإنسانُ للتَّفكُّر والتَّدبُّر، وبما أنّي المهديّ المنتظَر أعلِنُ التَّحدِّي لكافّة أبصارِ البشر التي لا تَعمَى عن الحقّ؛ فوالله لا تَجدُ جميع الألباب إلّا أن تُسلّم للحقّ تَسليمًا، أمّا الذين لا يَعقِلون فوالله الذي لا إله غيرُه أنّهم لم يَستطِع أن يَهديهم جميع الأنبياء والمُرسَلين مِن أوّلهم إلى خاتمهم محمد رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - حتى إذا حَصحَص الحقّ فأدخَلهم الله النّار فلم يَلوموا على الشيطان لأنّه ليس له عليهم سُلطان، وقال الله تعالى: {وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّـهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ ۖ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي ۖ فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم ۖ مَّا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُم بِمُصْرِخِيَّ ۖ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ ۗ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴿٢٢﴾} صدق الله العظيم [سورة إبراهيم].
ومِن ثمّ لم يَلومُوا الشيطان وَلامُوا أنفسَهم أنّهم هم مَن ظَلَموا أنفسَهم بالاتّباعِ الأعمَى وعدَم استِخدامِ العقلِ والمَنطِقِ الفِكريّ في التّدبُّر والتّفكُّر في حُجّة الدّاعِيَة إلى سبيل الله فيَعرضون بُرهانَ دَعوتِه على عُقولهم (هل يَقبَلها العقلُ والمَنطِق أم يَرفُضُها مِن بعدِ التَّفكّر والتَّدبّر؟) ولكنّهم لم يَفعَلوا! بل يَحكموا قبل أن يَسمَعوا وقبلَ أن يَتدبّروا ويتفكّروا، ومِن ثمّ أدرَكوا أنّ عدَم استِخدام العقلِ والمَنطِق هو سبب ضَلالهم وليس الشيطان، ذلك لأنّهم لو اتّبَعوا العقل والمَنطِق لَما ضلّوا عن الصِّراطِ المستقيم؛ فانظروا كيف أنّهم اعتَرفوا بخطَئِهم (الذين لم يستَخدموا عقولهم) وقالوا: {لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ} صدق الله العظيم [سورة الملك: 10].
وإنّما سُلطانُ الشيطان على الذين لا يَعقِلونَ وهم الذين أعرَضوا عن دعوة الحقّ وهي: أن اعبدوا الله وحدَه لا شريكَ له فلا تُشركوا به شيئًا ولا تَدعوا مع الله أحدًا إن كنتم تَعقِلون، وإن أعرَضتُم عن دعوةِ الحقِّ فقد أشرَكتُم بالله وسوفَ يَجعل الله للشيطانِ عليكم سُلطانًا فيَؤُزُّكم أزًّا أن تقولوا على الله ما لا تعلمون كما يُحِبُّ أن تُشرِكوا، وقال الله تعالى: {إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴿٩٩﴾ إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ ﴿١٠٠﴾} صدق الله العظيم [سورة النحل].
وسوفَ يقومُ الإمام المهديّ بالبيانِ الحَقّ لقول الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً ۖ إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ﴿٧٤﴾ وَكَذَٰلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ ﴿٧٥﴾ فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَىٰ كَوْكَبًا ۖ قَالَ هَـٰذَا رَبِّي ۖ فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ ﴿٧٦﴾ فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَـٰذَا رَبِّي ۖ فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ ﴿٧٧﴾ فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَـٰذَا رَبِّي هَـٰذَا أَكْبَرُ} صدق الله العظيم [سورة الأنعام].
وبِما أنّي الإمام المهديّ حَقيقٌ لا أقولُ على الله بالبيانِ للقرآنِ إلَّا الحَقّ الذي لا شَكّ ولا ريبَ فيه فآتيكُم بسُلطانِ البيان مِن مُحكَم القرآن، ومِن ثمّ لا تَجِدُ عُقولُ أولِي الألبابِ إلَّا أن تَخضَعَ فتَسمعَ فتَعتَرِفَ أنّه حقًّا بيانٌ تلَقَّاهُ الإمام ناصر محمد اليماني مِن لَدُن حكيمٍ عَليمٍ بوَحيِ التّفهيمِ بسُلطانِ العِلم مِن مُحكَمِ القرآن العظيم وليس وَسوسَة شيطانٍ رجيمٍ، وإلى البيان الحقّ بإذن السّميعِ العَليمِ:
ويا معشَر علماء المسلمين وأمّتهم، إنّي الإمام المهديّ أُفتي بالحقّ أنّ الأنبياءَ كانوا قبل أن يَصطفيهم الله يَبحثونَ عن الحقّ؛ وهو بحثٌ فِكريٌّ بالتَّفكُّر والتَّدبُّر بسبب عَدَم قَناعتِهم العقليّة بما وجَدوا عليه آباءَهم في عِبادةِ الأصنامِ التي لا تَضُرُّ ولا تَنفَع، ولذلك يَتمنّى الأنبياء أن يَتّبِعوا الحقّ، وقال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّىٰ أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّـهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّـهُ آيَاتِهِ ۗ وَاللَّـهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴿٥٢﴾} صدق الله العظيم [سورة الحج].
وإلى البيان الحقّ: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّىٰ} صدق الله العظيم، وذلك هو البحثُ الفِكرِيُّ لاتّباعِ الحقِّ نظرًا لِعَدَمِ قناعَتِهم بعِبادَة الأصنامِ التي وجَدُوا عليها آباءَهم كما لم يَقتَنِع خليل الله إبراهيم - عليه الصّلاة والسّلام - بعِبادَةِ الأصنامِ ويَرى أنّها لا تَنفعُ ولا تَضُرُّ، ويَرى أنّ قومَه على ضَلالٍ مُبينٍ فإنّ عبادة الأصنامِ لا يَقبَلُها العقلُ والمنطِق، وقال الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً ۖ إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ﴿٧٤﴾} صدق الله العظيم.
ومِن ثمّ بدأ إبراهيم في التَّفكيرِ وفي البحثِ عن الذي يَستَحِقُّ العِبادَة في الملكوتِ، وقال الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً ۖ إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ﴿٧٤﴾ وَكَذَٰلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ ﴿٧٥﴾ فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَىٰ كَوْكَبًا ۖ قَالَ هَـٰذَا رَبِّي ۖ فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ ﴿٧٦﴾ فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَـٰذَا رَبِّي ۖ فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ ﴿٧٧﴾} صدق الله العظيم.
{قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ} صدق الله العظيم.
ومِن ثمَّ تَعلمونَ أنّ إبراهيمَ لم يَصطَفِه اللهُ بعدُ رسولًا إلى قومِه؛ بل لا يَزالُ باحِثًا عن الحقِّ فيَتمنّى اتِّباعَه، تصديقًا لقول الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّىٰ} صدق الله العظيم؛ إلّا إذا تمنّى أن يَتّبِعَ الحقّ ثمّ بَحثَ عنه بَحثًا فِكرِيًّا ومِن ثمّ يَهديهِ اللهُ إلى الحقّ تصديقًا لقول الله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّـهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴿٦٩﴾} صدق الله العظيم [سورة العنكبوت]؛ أي الذين يَبحَثونَ عن الحقّ ولا يُريدونَ غير الحقّ الذي يَستَحِقُّ أن يُعبَدَ، فبِما أنّ الله هو الحقّ فكان حقًّا على الله أن يَهدي الباحثينَ عن الحقّ إلى سَبيلِ الحقّ، والحقّ هو الله وَحدَهُ وما دونَه باطِلٌ، ولذلك قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّـهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴿٦٩﴾} صدق الله العظيم.
ولكنّ الذي يَبحثُ عن الحقّ لا بُدَّ أن يكونَ حزينًا حُزنًا عَميقًا في قلبِه ويُريدُ مِن ربّه أن يَهديهِ إلى طريقِ الحقّ الذي لا شَكّ ولا ريبَ فيه والذي يَقبَله العقلُ والمنطِق لأنّ عقلَ الباحثِ عن الحقّ إبراهيم - عليه الصّلاة والسّلام - لم يَقتَنِع بعِبادةِ الكواكب المُنيرَة والمُضيئة، ولذلك قال خليلُ الله إبراهيم - عليه الصّلاة والسّلام - هذا القولَ الحزين وهو كَظيمٌ يُريدُ أن يبكي مِن شِدّةِ حُزنِه بأن يكونَ مِن القوم الضَّالِّينَ عن الحقّ، ولذلك قال خليل الله إبراهيم بعد أن أفَلَ القمر: {قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ} صدق الله العظيم [سورة الأنعام: 77].
ثمّ بَكَى تِلكَ الليلة مِن شِدّة حُزنه لأنّه يُريدُ أن يَهتدي إلى الحقّ؛ بل باتَ ساهِرًا طِوال ليلِه وهو يَتَفكَّرُ في مَلَكوتِ السماءِ حتى أشرَقت الشمس: {فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَـٰذَا رَبِّي هَـٰذَا أَكْبَرُ}، واستمرّ بالتَّفكيرِ في عبادَة الشمسِ حتى أفَلَتْ عَن الغُروبِ، ثم بَصَّرَ اللهُ قلبَه بالحقّ بأنّ الله الذي فطَرَ الشمسَ والقمرَ وفَطرَ السّماوات والأرض هو الأحقُّ بالعبادَة، وقال الله تعالى: {فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَـٰذَا رَبِّي هَـٰذَا أَكْبَرُ ۖ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ ﴿٧٨﴾ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا ۖ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴿٧٩﴾} صدق الله العظيم [الأنعام].
ثمّ اصطَفاهُ اللهُ رسولًا وعلّمَه الكتابَ والحِكمَة بعد أن هَداهُ إلى الحقّ مِن بعد البحثِ والتَّمنّي لاتّباعِ الحقّ تصديقًا لقول الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّىٰ} صدق الله العظيم.
وكذلكَ محمدٌ رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - لم يَكن مُقتَنعًا عقلُه بعِبادة قومِه للأصنام، وكان في تَفكيرٍ وحيرَةٍ ولذلك كان يَخلو بنَفسِه في الغار يَتفكّر في خَلقِ السّماواتِ والأرضِ وفي الذي خَلقَهم ويَتفكّرُ فيما يَعبُده قومُه ويَتفكّرُ في دينِ النّصارى ودينِ اليهود؛ فإذا بقَومِه يَعبُدونَ الأصنامَ وأمَّا النّصارى فيَعبدونَ رجُلًا مِن البشَرِ اسمُه المسيح عيسى بن مريم، وأمَّا اليهودُ فيَعبدونَ رَجُلًا اسمُه عُزير، فلم يكن يَعلَم أيَّهُم على الحقّ ليَتّبِعَه، وكان كمِثل الضَّالّ بين مُفتَرقِ ثلاثِ طُرقٍ لا يَعلمُ أيَّهم طريق الحقّ فيتَّبعه، ولذلك قال الله تعالى: {وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَىٰ ﴿٧﴾} صدق الله العظيم [سورة الضحى].
والمَقصودُ مِن الضَّال في هذا المَوضِع هو: الباحثُ عن طريقِ الحقّ، فلا يَعلمُ هل طريق الحقّ مع الذين يَعبُدونَ الأصنامَ أو مع الذين يَعبُدونَ نبيّ الله المسيح عيسى بن مريم أم مع الذين يَعبُدونَ نبيّ الله عُزير، فكان جدّي في مُفتَرقِ ثلاثِ طُرُقٍ فهو ضالٌّ لا يَعلمُ أيَّهم الطريق الحَقّ فيَسلُكه، وما كان يَرجو إلّا أن يتّبعَ الحقّ ولم يَطمَع أن يكون نبيًّا مُرسَلًا، ولكنّ الله وجَدَه ضالًّا يَبحثُ عن الحقّ، ولذلك كان يَخلو بنفسِه في الغارِ ليَتفكَّرَ ومِن ثمّ اصطَفاهُ الله وهَداهُ إلى الحقّ، تصديقًا لقول الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّىٰ} صدق الله العظيم.
ومِن ثمّ يَهدي اللهُ إلى الحقّ الباحثينَ عن الحقّ لأنّه هو الحقُّ وحدَه سبحانه وما دونَه باطِلٌ، ولذلك يَهدي الباحثينَ عن الحقّ إليه سبحانه، تصديقًا لقول الله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّـهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴿٦٩﴾} صدق الله العظيم [سورة العنكبوت].
ومِن ثمّ نأتي لقول الله تعالى: {أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّـهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّـهُ آيَاتِهِ ۗ وَاللَّـهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} صدق الله العظيم [سورة الحج: 52]، وذلك طائفٌ مِن الشيطان يَمسّه بالشَّكّ مِن بعدِ أن هَداهُ الله إلى الحقّ كما حدَثَ لرسول الله إبراهيم - عليه الصّلاة والسّلام - فبعدَ أن هَداهُ الله إلى الحقّ واطمئَنَّ قلبُه إلى الحقّ مَسّهُ طائفٌ مِنَ الشيطان؛ كيف يَبعثُ الله الموتى؟ وقال الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَىٰ ۖ قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن ۖ قَالَ بَلَىٰ وَلَـٰكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} صدق الله العظيم [سورة البقرة: 260].
ولكنّ الله أحكَمَ آياتِه لرسولِه إبراهيم وبيَّنها له بالحقّ على الواقِع الحقيقيّ حتى يَطمَئِنَّ قلبه أنّه الحقّ المُبين، وقال الله تعالى: {قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَىٰ كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا ۚ وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّـهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} صدق الله العظيم [سورة البقرة: 260].
وكذلك مُحَمَّد رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - ألقَى الشيطانُ في أمنِيَتِه الشكَّ مِن بعد إرسالِه بسببِ قولِ قومه إنّما اعتَراهُ أحدُ آلهَتِهم بسُوءٍ أي: بمسّ شيطانٍ وأنّه الذي يُكلِّمُه بهذا القرآن، حتى شكّ أنَّ كلامَهم يُخشى أن يكون صحيحًا، ومِن ثمّ قال الله تعالى لنبيّه: {فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكَ ۚ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ﴿٩٤﴾} صدق الله العظيم [سورة يونس].
ولكن لو سَألَ اليهودَ لزادوهُ شكًّا إلى شَكِّه وهم يَعلمونَ أنّما يُوحَى إليه الحقّ مِن ربّ العالَمين كما يَعرِفونَ أبناءهم، ولكنّ الله لم يَترُكه يَسأل أحدًا مِن أهلِ الكتاب؛ بل أرسَل لنبِيّهِ دعوَةً خاصَّةً لزِيارَة ربّه حتى يُكلّمَه تكليمًا مِن وراءِ الحجابِ، وأراهُ الله النّارَ التي أعدَّها للكافرين والجنّة التي أعدَّها للمُتّقينَ، تصديقًا لقول الله تعالى: {وَإِنَّا عَلَىٰ أَن نُّرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ ﴿٩٥﴾} صدق الله العظيم [سورة المؤمنون].
وأراهُ الله ليلةَ الإسراءِ والمِعراج مِن آياتِ ربّه الكُبرى حتى اطمأنَّ قلبُه بعد أن مَسّهُ طائفٌ مِن الشيطانِ كما مسّ إبراهيم طائفٌ مِن الشيطان مِن قبل بالتَّشكيكِ في الحقّ مِن بعد أن بحثَ عن الحقّ فتمنّى اتّباعَه؛ ثمّ هدَاهُ الله إلى الحقّ واصطَفاهُ وأرسَله للناس نذيرًا، ومِن ثمّ ألقَى الشيطانُ في أمنِيَتِه الشكّ مِن بعد أن حقَّقَ الله له أمنِيَتَه فهَداهُ إلى الحقّ، ومِن ثمّ يأتي اليَقينُ عند الذي اهتَدى إلى الحقّ أنّه لا ولن يَشُكَّ في الحقّ بعد إذ هدَاهُ الله إليه، ومِن ثم يَبتَليهِ الله ليُعلِّمَهُ دَرسًا في العقيدة ليَعلمَ أنّ الله يَحُولُ بين المَرءِ وقلبِه حتى لا يَثِقَ في نفسِه مِن بعد ذلك، ولذلك فيَمسّه الشيطان بِطائفِ الشَّكّ ومِن ثم يُحكِم الله لأنبيائه آياتِه فيُبيّنها لهم كما بيّنها لموسى - عليه الصلاة والسلام - بعد أن مسَّه الشيطان بطائفِ الشكّ أنّ عصَاهُ إنّما هي كمِثل عِصِيّ السَّحرة وحِبالِهم التي يُخيَّلُ إليه مِن سِحرهم أنّها تسعى فأوجَس في نفسِه خِيفةً موسى ثمّ أحكَم الله آياتِه لموسى وأزالَ طائِف الشيطان بالشَّكّ في الحقّ: {قَالُوا يَا مُوسَىٰ إِمَّا أَن تُلْقِيَ وَإِمَّا أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَىٰ ﴿٦٥﴾ قَالَ بَلْ أَلْقُوا ۖ فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَىٰ ﴿٦٦﴾ فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَىٰ ﴿٦٧﴾ قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الْأَعْلَىٰ ﴿٦٨﴾ وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا ۖ إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ ۖ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَىٰ ﴿٦٩﴾ فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَىٰ ﴿٧٠﴾} صدق الله العظيم [سورة طه].
وأحكَمَ الله لنبيّهِ آياتِه حتى تبيَّنَ له أنّه على الحقّ فاطمَأنّ قلبُه، وذلك هو البيانُ الحقّ لقول الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّىٰ أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّـهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّـهُ آيَاتِهِ ۗ وَاللَّـهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴿٥٢﴾} صدق الله العظيم [سورة الحج].
والآن حَصْحَصَ الحقّ وتبيَّنَ لكم يا معشَر الباحثينَ عن الحقّ أنَّ خليل الله إبراهيم كان باحِثًا عن الحقِّ مِن قبل أن يَصطَفيه الله رسولًا ومِن قبل أن يَهديه الله إلى الحقّ ولذلك قال إبراهيم عليه الصّلاة والسّلام: {قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ} صدق الله العظيم [سورة الأنعام: 77].
وذلك لأنّه لا يَزالُ يَبحثُ عن الحقّ مِن قبل إرسالِه؛ وإنّما أرسَله الله مِن بعد أن تمنَّى الحقّ وبحَثَ عنه ثمّ هدَاهُ الله إلى الحقّ وبعثَهُ رسولًا إلى النّاس، ثمّ ألقَى الشيطان في أمنِيَتِه الشكّ في إحياءِ المَوتى، ثمّ أحكَمَ الله لنبيِّه آياتِه فأزالَ طائِفُ الشيطان بغير الحقّ، تصديقًا لقول الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّىٰ أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّـهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّـهُ آيَاتِهِ ۗ وَاللَّـهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴿٥٢﴾} صدق الله العظيم.
فانظُروا إلى إبراهيم يوم كان باحِثًا عن الحَقِّ فيَتمنَّى اتِّباعَه، وتدبَّروا وتفكَّروا: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً ۖ إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ﴿٧٤﴾ وَكَذَٰلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ ﴿٧٥﴾ فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَىٰ كَوْكَبًا ۖ قَالَ هَـٰذَا رَبِّي ۖ فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ ﴿٧٦﴾ فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَـٰذَا رَبِّي ۖ فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ ﴿٧٧﴾ فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَـٰذَا رَبِّي هَـٰذَا أَكْبَرُ ۖ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ ﴿٧٨﴾ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا ۖ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴿٧٩﴾} صدق الله العظيم [سورة الأنعام].
والآن يا أُولي الألباب قد حصْحَصَ الحقّ لِمَن كان يَبحثُ عن الحقّ، فانظُروا لبيانِ أحمد الحسن اليماني الذي يُسمّي نفسَه اليماني وهو مِن العراق وليس مِن اليمن، وجاءَ رسوله إلى مَوقِعنا مَهدِيَّ مهديٍّ أي المهديّ إلى المهدي أحمد الحسن اليماني وألقَى رسوله في مَوقِعنا بيانًا للقرآن مِن عند الشيطان، ولذلكَ لا يَقبَله العقلُ والمَنطِق وهو كما يلي:
ولكنّني أُكرِّرُ الفَتوى الحقّ أنّه لا ولن يَتَّبِع الحقّ البشر الأنعام الذين لا يَعقِلون فأولئِكَ هم حَطَبُ جهنّم هم لها وارِدون، ومِن ثمّ أدرَكوا أنّهم كالأنعامِ التي لا تسمَعُ ولا تَعقِلُ بسببِ عدَمِ التَّفكُّر، ولذلك فهُم كالبقَر التي لا تتَفكَّر، وقال الله تعالى: {وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴿٦﴾ إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ ﴿٧﴾ تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ ۖ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ ﴿٨﴾ قَالُوا بَلَىٰ قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّـهُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ ﴿٩﴾ وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴿١٠﴾ فَاعْتَرَفُوا بِذَنبِهِمْ فَسُحْقًا لِّأَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴿١١﴾} صدق الله العظيم [سورة الملك].
ويا مَعشَر عُلماء المُسلِمين وأمَّتِهم، هل تعلمونَ ما هي حِكمَة الشياطين مِن أن يَبعثُوا لَكُم في كُلِّ قَريَةٍ مَهدِيًّا منتَظرًا وبين الحين والآخر؟ وذلك حتى إذا بعَثَ الله المهديّ المنتظَر الحقّ مِن ربّكم فتَقولون: "وهل هو إلَّا كمثل الذين سبَقوهُ؟ وكُلّ يومٍ يطلع لنا مهديّ منتظَر جديد!"، ثمّ لا تتفكّرون في دعوَةِ المهديّ المنتظَر الحقّ مِن ربّكم حتى يأتيكُم العذاب الأليم وذلك ما يَبتغِيه الشياطين، ولذلك يُرسِلونَ لكم بين الحينِ والآخَر مهديًّا منتظرًا جديدًا، وذلك حتى إذا بعثَ الله إليكم المهديّ المنتظَر الحقّ مِن ربّكم فتُعرضونَ عنه بسبَبِ كثرَة مَن يدَّعونَ المهديّة. ولكن يا علماء المسلمين وأمّتهم، فهل تَستطيعونَ أن تُفَرِّقوا بين الحمارِ والبَعيرِ؟ فوالله إنّ الفرقَ لعظيمٌ بين الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني وبين كافّة المَهديّين المُفتَرين الذين اعتَرتهُم مُسوسُ الشياطين فتَجِدونَهم يقولونَ على الله ما لا يَعلمون، أفلا تتَفكّرون؟!
ويا معشَر الأنصار السَّابقينَ الأخيار ويا معشَر الزُّوارِ إلى طاولةِ الحِوار مِمَّن أظهَرَهم الله على أمرِنا، كونوا شُهداءَ على أنفسِكم وعلى أمَّتِكم وعلى جميع المُسلِمين وعُلمائهم الذين لا يُفَرِّقونَ بين الحمارِ والبَعيرِ ولذلك فهم لا يُفرّقونَ بين أحمد الحسن اليماني وناصِر مُحمد اليمانيّ، ولكن يا قوم إنّ الفرقَ لعظيمٌ؛ فهل تَرَونا نَستَوي مثَلًا؟! كَلَّا وربّي فلا يَستَوِيانِ مثَلًا (أحمد الحسن اليماني وناصر محمد اليماني) بل الفَرقُ بينهما كالفَرقِ بين الظّلمات والنّور، فهل تستَوي الظّلمات والنّور في نَظَركم؟! وقال الله تعالى: {قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّـهُ ۚ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُم مِّن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لَا يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا ۚ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَىٰ وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ ۗ أَمْ جَعَلُوا لِلَّـهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ ۚ قُلِ اللَّـهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ﴿١٦﴾} صدق الله العظيم [سورة الرعد].
وذلك لأنّ الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني يَدعوكم إلى عِبادةِ الله وحدَه لا شريكَ له فيُحَذِّركم مِن الإشراكِ بالله ويُعلّمكم ما لم تكونوا تَعلمون، وأمّا أحمد الحسن اليماني فانظروا إلى فَتوَاهُ الشِّركيّة إلى معشَرِ الشِّيعة الاثني عشر وقال لهم إنّ الإمام علي مَمسوسٌ بربّ العالَمين! وكذبَ عَدُوُّ الله، فوالله إنّه لَمِن شياطينِ البشر مِن الذين يُظهِرونَ الإيمان ويُبطِنونَ الكُفر والمَكر، ألا لعنَة الله عليكَ يا أحمد الحسن اليماني كما لعَن الله إبليسَ الذي تتّخِذُه وَلِيًّا مِن دونِ الله مِن غير ضَلالٍ منكَ؛ بل تَعلمُ أنّي أعلمُ أنَّك لشيطانٌ رجيمٌ تُريد أن تَصُدَّ النّاسَ عن اتّباع الصِّراط المُستقيمِ، ولكنّي المهديّ المنتظَر أدعوكَ للحِوارِ في مَوقِعنا إن كنتَ مِن الصّادِقين، فإن ألجَمتَ ناصر محمد اليماني مِن مُحكَمِ القرآن العظيم فقد حَلَّت اللعنةُ على ناصر محمد اليماني إلى يوم الدّين، وإن ألجَمكَ ناصر محمد اليماني وكافّة علماء المُسلِمين والنَّصارى واليهود مِن مُحكَمِ القرآنِ العظيم ومِن ثمّ لا تتّبِعونَ الحقّ فقد حلّت اللّعنة على المُعرِضينَ عن دعوةِ الاحتِكامِ إلى كتابِ الله القرآن العظيم، فمَن يُنجيكُم مِن عذابِ الله يا معشَر المُعرِضينَ عن الدَّعوة إلى اتّباعِ كتابِ الله القرآن العظيم؟ فكيف تَزعمونَ أنّ ناصر محمد اليماني إنّما هو أعقَلُ واحدٍ في الذين ادّعوا المهديّة جميعًا؟! فهل هذه هي فَتواكُم في الحقّ مِن ربّكم أنّ الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني هو أعقل مَجنونٍ؟ قاتَلكم الله أنّى تُؤفَكون! فتعالوا لأعلّمَكم لماذا قلتُم ذلك، وذلك لأنّ عقولكم لم تُعارِض بياناتِ ناصر محمد اليماني وأفتَتكُم بالحقِّ لأنَّ الأبصار لا تَعمَى عن الحقّ، ومِن ثمّ ما كان رَدّكم على عقولكم وعلى ناصر محمد اليماني إلَّا أنّه أعقَل واحدٍ مِن الذين ادّعوا المهديّة! بل يَنطِقُ بالحقّ ويهدي إلى الصِّراطِ المستقيم، فماذا تُريدونَ مِن بعد الحقّ الذي أبصَرَته عقولكم؟ أفلا تتّقون؟! وقال الله تعالى: {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ} صدق الله العظيم [سورة يونس: 32].
وسَلامٌ على المُرسَلين، والحمدُ لله ربِّ العالَمين..
أخوكم الإمام ناصر محمد اليماني.
_______________