الإمام ناصر محمد اليماني
08 - 07 - 1432 هـ
10 - 06 - 2011 مـ
02:56 صباحاً
[ لمتابعة رابط المشاركة الأصليّة للبيان ]
https://nasser-alyamani.org./showthread.php?p=17147
ـــــــــــــــــــــ
ولم نقل أنّني خليفة الله في الألوهيّة والعبوديّة، فاتّقِ الله ربّي وربّك ..
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على جدّي محمد رسول الله وآله الأطهار وجميع أنصار الله الواحد القهّار في الأوّلين وفي الآخرين وفي الملأ الأعلى إلى يوم الدين..
أحبّتي الأنصار السابقين الأخيار، قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ ﴿٢٠١﴾} صدق الله العظيم [الأعراف].
ويا أيّها السائل الذي ينكر على الإمام المهديّ فتواه أنّه عبد الله وخليفته في الأرض، ومن ثمّ يردّ عليك عبد الله وخليفته في الأرض وأقول: إنّما الخليفة في الأرض المصطفى من ربّ العالمين هو خليفة لله على ما آتاه الله من المُلك كون المّلك هو لله وحده يؤتي ملكه من يشاء، وإنّما جعله الله مَلِكاً على ما آتاه الله من المُلْك، تصديقاً لقول الله تعالى: {قَالَ إِنَّ اللَّـهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ ۖ وَاللَّـهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّـهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} صدق الله العظيم [البقرة:247].
وليس أنّه يَحِلُّ مَحَلَّ الله سبحانه وتعالى علواً كبيراً؛ بل استخلفه الله على ما آتاه من المُلك ويظلّ الخليفة عبداً مأموراً ويحكم بينهم بالدستور الذي أنزله الله عليه، وإذا لم يحكم بينهم الخليفة بما أنزل الله فلن يجد له من دون الله وليّاً ولا نصيراً، تصديقاً لقول الله تعالى: {وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّـهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّـهُ إِلَيْكَ ۖ فَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّـهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ ۗ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ ﴿٤٩﴾} صدق الله العظيم [المائدة].
وقال الله تعالى: {وَكَذَٰلِكَ أَنزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا ۚ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّـهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ ﴿٣٧﴾} صدق الله العظيم [الرعد].
لِكَونِ الخليفة المصطفى إنّما هو عبدٌ مأمورٌ استخلفه الله على ما آتاه من المُلك ولسوف يسأله الله عن الذين استخلفه الله عليهم، تصديقاً لقول الله تعالى: {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ} صدق الله العظيم [ص:26].
ولكن للأسف إنّ أخانا السائل ينفي المُلك أنّه لله سبحانه، فإذا كان الخليفة مصطفًى من الله فهو خليفة لصاحب المُلك الذي استخلفه عليه ولذلك قال الله تعالى: {قَالَ إِنَّ اللَّـهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ ۖ وَاللَّـهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّـهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} صدق الله العظيم [البقرة:247]، فانظر لقول الله تعالى: {وَاللَّـهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّـهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} صدق الله العظيم، ولكنّك تنفي المُلك أنّه لله بفتواك هذه الباطلة، يا رجل اتّقِ الله ولا تقُل على الله إلا الحقّ! ولم يقل لكم الإمام المهدي أنّه خليفة الله في ألوهيّته وعبوديّته سبحان الله وتعالى علواً كبيراً! فهو الإله الواحد في السماوات والأرض، تصديقاً لقول الله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَـٰهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَـٰهٌ ۚ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ ﴿٨٤﴾} صدق الله العظيم [الزخرف].
ولذلك تجدون أنّ الخليفة ومن استخلفه الله عليهم يعبدون إلهاً واحداً لا يشركون به شيئاً، وعليك أن تعلم أنّ الذي يصطفيه الله خليفته على عباده فقد أمرهم بالسجود لخليفة ربّهم عليهم طاعةً لأمر الله ولا يقصد سجود الجبين؛ بل السجود هو الانقياد لخليفة ربّهم عليهم فيطيعون أمره إلا فيما يغضب الله فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وبما أنّ الخليفة المصطفى عليهم من ربّهم وجب عليهم أن يخضعوا له ويطيعوا أمره، ولذلك قال الله تعالى للملائكة: {إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن طِينٍ ﴿٧١﴾ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ﴿٧٢﴾} صدق الله العظيم [ص]، وخلق الله أبانا آدم عليه الصلاة والسلام فجعله خليفةً على من استخلفه الله عليهم، تصديقاً لقول الله تعالى: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ ۗ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ ۚ سُبْحَانَ اللَّـهِ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴿٦٨﴾} صدق الله العظيم [القصص].
ولم يأمرهم الله أن يعبدوا خليفته من دونه لكونه ليس خليفته في الألوهيّة والعبوديّة سبحانه وإنّما خليفته على ما استخلفه الله ليحكم بينهم بما أنزل الله ويأمرهم أن يعبدوا الله ربّه وربّهم وحده لا شريك له، تصديقاً لقول الله تعالى: {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللَّـهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِّي مِن دُونِ اللَّـهِ وَلَـٰكِن كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ ﴿٧٩﴾} صدق الله العظيم [آل عمران].
ولذلك تجدون خليفة الله وعبده الإمام المهدي مُركِّزاً دعوته إلى عبادة الله وحده لا شريك له، ولم آمركم أن تكونوا عباداً لي من دون الله؛ بل اعبدوا الله ربّي وربّكم مالك الملكوت سبحانه عمّا يشركون وتعالى علوَّاً كبيراً، ولم نقل أنّي خليفة الله في الألوهيّة والعبوديّة! فاتّقِ الله ربّي وربّك وكن من الشاكرين إذ جعلك في عصر بعث الإمام المهدي ليهديك بالقرآن المجيد إلى صراط العزيز الحميد.
وأمّا بالنسبة للإمام المهدي فهي من أكبر درجات الخلافة بإذن الله، والسبب في ذلك عظيم هدف الإمام المهدي الذي يسعى لتحقيقه وليس لتوسيع رقعة ملكه كون الإمام المهدي يسعى إلى هدى عبيد الله لتحقيق النّعيم الأعظم من جنّته، وبما أنّك يا أيّها السائل لا تحيط بحقيقة اسم الله الأعظم ولذلك تجهل قدر حقيقة دعوة الإمام المهدي إلى تحقيق النّعيم الأعظم من جنّته سبحانه وتعالى علواً.
ويا رجل إنّما خلق الله جنّة النّعيم من أجلكم، وخلقكم لهدفٍ في ذات الله لتعبدوا رضوان الله وتحذروا غضبه، تصديقاً لقول الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴿٥٦﴾} صدق الله العظيم [الذاريات].
وإنّما عبادة الله هو أن تعبدوا رضوان الله، تصديقاً لقول الله تعالى: {وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّـهِ ۗ وَاللَّـهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ} صدق الله العظيم [آل عمران:174].
فأمّا الذين اتّبعوا الرضوان وسيلةً ليقيَهم من ناره ويدخلهم جنّته فلهم ذلك إنّ الله لا يخلف الميعاد، وأمّا الذين اتّخذوا الرضوان غايةً فهذه من أعظم الغايات في الكتاب، فمن ابتغى رضوان الله غايةً وتمنّى تحقيق رضوان الله في نفسه فلله ملكوت الدنيا والآخرة، تصديقاً لقول الله تعالى: {أَمْ لِلْإِنسَانِ مَا تَمَنَّىٰ ﴿٢٤﴾ فَلِلَّـهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولَىٰ ﴿٢٥﴾ وَكَم مِّن مَّلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّـهُ لِمَن يَشَاءُ وَيَرْضَىٰ ﴿٢٦﴾} صدق الله العظيم [النجم].
وليتك تعلم ما يقصد الله تعالى: {إِلَّا مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّـهُ لِمَن يَشَاءُ وَيَرْضَىٰ} صدق الله العظيم، فأولئك الذين أذِن الله لهم بالخطاب وإمامهم الإمام المهدي ولم يشفعوا لأحدٍ وإنّما رفضوا دخول جنّة النّعيم ولذلك لم يتمّ حشرهم إلى جنّة النّعيم ولا إلى الجحيم؛ بل هم الوحيدون من المتّقين الذين تمّ حشرهم إلى ربّهم، تصديقاً لقول الله تعالى: {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا} صدق الله العظيم [مريم:85].
وخاطبهم ربّهم: لماذا أبَيتُم أن يسوقكم ملائكتي إلى جنّة النّعيم؟ فقالوا: نريد تحقيق النّعيم الأعظم من جنّتك فترضى، فهم يريدون أن يرضى الله في نفسه ولكنّ الله لن يرضى في نفسه حتى يُدخل عباده في رحمته فيرضى، وفي ذلك سرّ الإمام المهدي الذي سوف يؤتيه الله أكبر درجات الخلافة كونه اتّخذ رضوان الله غايةً وليس وسيلة لتحقيق نعيم الْجنّة، ولذلك قال الله تعالى: {أَمْ لِلْإِنسَانِ مَا تَمَنَّىٰ ﴿٢٤﴾ فَلِلَّـهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولَىٰ ﴿٢٥﴾ وَكَم مِّن مَّلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّـهُ لِمَن يَشَاءُ وَيَرْضَىٰ ﴿٢٦﴾} صدق الله العظيم [النجم].
ألا والله لا يعلم علم اليقين أنّ الإمام المهديّ المنتظَر هو ناصر محمد اليماني إلا الذين أحاطهم الله بحقيقة اسمه الأعظم سبحانه وتعالى علوّاً كبيراً كونه من أكبر آيات الكتاب في أنفسهم، ولذلك نجد الذين علموا بحقيقة اسم الله الأعظم موقنين أنّ الإمام المهدي المنتظر هو ناصر محمد اليماني لا شكّ ولا ريب، ولن يزداد يقينهم شيئاً من بعد الظهور لكونه لا يوجد لديهم آية هي أكبر من النّعيم الأعظم تحيط بها قلوبهم، ولكنّ أكثر النّاس لا يعلمون.
وسلامٌ على المرسَلين، والحمدُ للهِ ربِّ العالمين ..
عبد الله وخليفته في الأرض؛ الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني .
______________