أُحِبٌّكَ وحدكَ ...
لَقّد أَدرَكتُ أخيراً المعنى الحقيقي الذي ينبغي أن تكون عليه العلاقَةُ بين العبدِ ورَبِّهِ ألا وهي الحُبُّ ..
نَعم إنَّهُ الحُبُّ لا الخَوف ..
( فَسَوفَ يأتي اللهُ بِقَومٍ يُحِبُّهُم ويُحِبُّونَهُ ) ..
وتبَّاً لِلإنسانِ المؤمِنِ المُتَسَوِّلِ الشَّحَّاذ الذي لا يسأَمُ مِن دُعاءِ الخيرِ وإن مسَّهُ الشَرُّ فَيؤوسٌ قَنوط , تَبَّاً لَهُ .
لِذا فقد أقسَمتُ أنِّي لَن أكونَ من هذا النَّوعِ لأَنَّي أُحِبُّكَ يا الله .
أُحِبُّكَ يا الله وأتَّصِلُ بِكَ في الضَّراءِ والسّرَّاءِ .
عِند عَزيفِ وهزيزِ الرِّياحِ ..
وعِندَ هُدوءِ النَّسيمِ العَليلِ ..
وفي الدَّياجيرِ .. أُحِبُّكَ ..
وفي النَّهارِ ذي الشُّعاعِ الآسِرِ .. أُحِبُّكَ ..
وفي الفُصولِ الأربَعَةِ كُلِّها .. أُحِبُّكَ ..
أَجِدُكَ دائِماً , بِنِعمَتِكَ , بفَضلِكَ , بابتلاءاتِكَ ..
فحينَ كُنتُ صَغيراً وَجدتُكَ..
وحينَ كَبُرتُ وحين اشتَدَّ عُودي ..
وفي صِحَّتي وعافيتي وَجَدتُكَ ..
وفي سَقَمي وَجَدتُكَ ..
أُحِبُّكَ في حالِ البَّسطِ وفي حالِ القَّبضِ ..
فالجُزءُ لَك والكُلُّ لَك ..
وأنتَ فَوقَ الكُلِّ .. مُتعالٍ ..
مُتعالٍ عن حُبِّي وعِبادَتي ..
غَنيٌّ مُستَغنٍ عن حُبِّي لَك أو حُبِّ العالمين ..
فإن أَعطيتَ أو مَنَعتَ أُحِبُّكَ رَبِّي ..
رّبِّي .. إنَّ مَن كانَ يَشعُرُ أَنَّهُ لا يُحِبُّ بَعضَ أوقاتِ السَّنَةِ أو بَعضَ الظَّواهِرِ الطَّبيعيَّةِ فَحُبُّهُ مَنقوصٌ لَكَ بِلا ريبْ .
فالمؤمِنُ المُحِبُّ لِرّبِّهِ يَجِدُ نَفسَهُ صاحِبَ الرِّوايَةِ الحقيقيَّةِ التي تروي أحداثَ قِصَّةِ جمالِ اللهِ في كُلِّ شَيءٍ , الذي أَحسَنَ كُلَّ شَيءٍ خَلَقَهُ .
لَقَد وجَدتُ جَمالَكَ رَبِّي في بَديعِ صُنعِكَ وروعَتِهِ وصَفائِهِ ..
في الشُّطآنِ البعيدةِ والغاباتِ المَهجورَةِ ..
وفي وَشوشَةِ قَطَراتِ النَّدى ..
وفي ترتيلِ الرِّياحِ , حيثُ أَسمَعُها تُؤْذِنُ بِمَطَرٍ مِسحاحٍ مِغزارٍ ..
وفي خِضَمِّ هَذا الجَمالِ رَبَطتُ عيشي وتَواجُدي في اختلافِ الأحوالِ ,
بتَسبيحِكَ ربِّي واستِغفارِكَ واستِذكارِ نِعَمِكَ وتِلاوَةِ كلامِكَ والتَّأمُّلِ في جلالِكَ .
لَقَد رأَيتُ أَنِّي أُحِبُّ كُلَّ شَيءٍ ووجَدتُ المعنى الحقيقي للِشُّكرِ والحَمدِ لَك , و باستِجلاءِ معنى الحَمدِ, فإذا بمعنى العرفان يَنفَطِرُ مِنِّي لَوحَةً مرسومَةً في وَرَقَةِ عَقلي وقَلبي , ولَقد رسَمتُها بِجميعِ الألوانِ القاتِمَةِ والزّاهيَةِ المُبهِجَةِ , فوجَدتُ الألوان الزَّاهيَةَ بِلا ظِلالٍ قاتِمَةٍ لا تَظهَرُ ولا تَبين , فأدركتُ معنى وجود الإبتلاءاتِ في حياتي , إنَّها ظِلُّ الألوان الزّاهيَةِ , وهي التي تُبرِزها فلولا وجود المرضِ لما أدركتُ نِعمَةَ الصِّحَةِ والعافِيَةِ .
رَبِّي .على كُلِّ مُحِبٍّ للهِ أن يَكونَ شاعِراً , لَهُ كلماتُه البسيطَةِ التي تُعَبِّرُ عَن حُبِّهِ بِقصائِدَ ودواوينَ خاصَّةَ لكَ وَحدَكَ , مُتَحرِّرَةً من كُلِّ قُيودِ النَحوِ والصَّرفِ والسَّجعِ والقافيَةِ ومن أيِّ قالِبٍ إلَّا قالَبِ الصِّدقِ والعِرفانِ لَكَ رَبِّي ,كي يشعُرَ بِحلاوةِ الإيمانِ ويَنعُمَ بالهُدوءِ والسَّلامِ .
ها أنا ذا مُستَعِدٌ أَن اُسَلِمَ الرُّوحَ إلى باريها و سأُعيدُها إلى مالِكِها وصانِعِها ( إنَّا للهِ وإنَّا إليهِ راجِعون ) , وهيَ أَكثَرُ سَلاماً وأكثَرُ نُضجاً وأَكثَرُ عُمقاً وشَفافِيَّةً ورِقَّةً , وأَكثَرُ قُرباً مِن اللهِ سُبحانَهُ وتعالى لأَختمَ كلامي أنَّني لَستُ أخاف..
و كيفَ أخافُ لِقاءَ حبيبي !؟
أُحِبُّكَ وَحدَكَ
شِعر: المهندس ماهر ..
أَمِن وَلَهٍ ذا دَمعُكَ المُتَرَقرِقُ ؟!
أَمِ الدَّمعُ مِن ضُرٍّ أَصابَكَ يُهرَقُ ؟!
أَقِلَّ ملامي ياعَذولُ فَإِنَّني
بِبَحرِ الصَّبا والوَجدِ قَلبِيَ يَغرَقُ
سَجَدتُ بِجوفِ اللّيلِ لَلَّهِ سَجدَةً
تُبَدِّدُ آثارِ الظَّلامِ وتَمحَقُ
فإِذ بِفُؤادي فاضَ نوراً بِحُبِّهِ
كما الشَمسُ مِن بَعدِ الغياهِبِ تُشرِقُ
وإنِّي بِحُبِّ اللهِ صِرتُ مُتَيَّماً
مَدامِعُهُ لَم تُشفَ مِمَّا يُشَوِّقُ
شَكوتُ لَهُ ما راعَني وتأَنُّسي
بهِ إِذ لَهُ في هالَةِ الرُّوحِ رَونَقُ
وكيفَ تَغَشَّاني انتِشاءٌ وكيفَ لَمْ
تزَلْ مُهجَتي دوماً بِهِ تتَعَلَّقُ
فأَيقَنتُ أَنَّ القَلبَ عانٍ بِحُبِّهِ
ومِن أَجلِهِ يَحيا وما زالَ يَخفِقُ
فأَلفى لَهُ مِن خالِصِ الشَّوقِ والجَوى
هُياماً على شَحطِ المَدى لَيسَ يَخلَقُ
وعيني لِفَرطِ الحُبِّ يُسمَعُ صَوتُها
بِعَبرَتِها , فالعَينُ بالدَّمعِ تَنطِقُ
فلمَّا تَقَضَّى الَّليلُ قالت لِربِّها
لِأَجلِكَ رَبِّي وَحدَكَ الدَّهرَ أُغدِقُ
وحَسبي بِأَنَّ القَلبَ يَعشَقُ واحِداً
فلا أَحَدٌ مِن دونِكَ القَلبُ يَعشَقُ