الإمام ناصر محمد اليماني
04 - 01 - 1429هـ
12 - 01 - 2008مـ
10:28 مـساءً
ــــــــــــــــ
حسبي الله ونعم الوكيل يا حبيب الحبيب..
بسم الله الرحمن الرحيم، وسلامٌ على المرسلين، والحمدُ لله ربّ العالمين، ثمّ أمّا بعد..
يا حبيب الحبيب هل تريد الحقّ ولا غير الحقّ؟ فلا تقُل على الله بالتّأويل غير الحقّ بعلمٍ وسلطانٍ من محكم الكتاب المنير القرآن العظيم، وأمّا ما تزعم أنّه بُرهان لك من القرآن في قوله تعالى: {إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ} صدق الله العظيم [الطارق:٤].
فأردّ عليك فأقول: تدبّر الآيات جيداً تجد فيها التهديد والوعيد من بعد القسم، لذلك ذكر طائر الإنسان الكافر في عنقه من بعد التذكير وهو الملك (عتيد) كاتب السيئاتالتي سوف يتمنّى الكافر يوم تُبلى السرائر فيَوَدّ الكافر بأنّ لو كان بينه وبين ما عمله من السوء أمداً بعيداً، {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولًا ﴿١٥﴾}[الإسراء]؛لذلكتجد رسُل الله يقولون لقومهم الذين تطيّروا بهم: {قَالُوا طَائِرُكُمْمَعَكُمْ أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ} صدق الله العظيم [يس:19].
وهذه الآية تُخاطب الإنسان الكافر بالحقّ والمفسد في الأرض بأعمال السوء والموكل بحفظه (عتيد) في الكتاب، لذلك تجد الآية تتكلم عن (عتيد) فقطكاتب السوء للإنسان الكافر المنكر للبعث والحساب، لذلك تجد الآيات واضحة وجليّة تتكلم عن الإنسان المُنكر للحقّ، فتدبر الآيات جيداً تجدها تخاطب الإنسان الكافر المُنكر للحساب لذلك تجده يعمل السوء وهو غير مُبالٍ، ولذلك أقسم الله: {وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ ﴿١﴾ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ ﴿٢﴾ النَّجْمُ الثَّاقِبُ ﴿٣﴾ إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ ﴿٤﴾ فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ ﴿٥﴾ خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ ﴿٦﴾ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ ﴿٧﴾ إِنَّهُ عَلَىٰ رَجْعِهِ لَقَادِرٌ ﴿٨﴾ يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ ﴿٩﴾ فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ ﴿١٠﴾ وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ ﴿١١﴾ وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ ﴿١٢﴾ إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ ﴿١٣﴾ وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ ﴿١٤﴾ إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا ﴿١٥﴾ وَأَكِيدُ كَيْدًا ﴿١٦﴾ فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَأَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا ﴿١٧﴾} صدق الله العظيم [الطارق].
إذاً يا حبيب إن الآيات تُخاطب النّاس الكفار فيذكرهم بطائرهم الملك (عتيد) كاتب السوء بالحقّ. تصديقاً لقوله تعالى: {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُفِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا} صدق الله العظيم [الإسراء:١٣].
إذاً هذه الآيات لا تتكلم عن الملك (رقيب) والحسنات والجنان لذلك تجد الآية ذكرت الملك (عتيد) وحده دون ذكر الملك (رقيب) كاتب الحسنات التي تؤدي إلى الجنان، وأكرر فأقول إنّ الآيات تخاطب الإنسان الكافر بشكل عام بكفرهم وسوئِهم وكيدهم ضدّ الحقّ، لذلك قال تعالى: {إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا ﴿١٥﴾ وَأَكِيدُ كَيْدًا ﴿١٦﴾ فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَأَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا ﴿١٧﴾} صدق الله العظيم [الطارق].
ولهذا السبب تمّ تخصيص المخاطب وهو مخاطبة الكفار والتهديد والوعيد لذلك تجد الآية تتكلم عن الملك (عتيد) طائرهم في عنقهم وهو الملك (عتيد) الذي أقسم الله على حقيقة تكليفه لكتابة السوء والكفر والمكر بغير الحقّ ضدّ الله ورسله.
ويا حبيب، إني لك ناصحٌ أمينٌ أن لا تفسِّر الآيات الغير المحكمة الواضحة بالظنّ الذي لا يغني من الحقّ شيئاً، أم إنك لا تعلم ما هو الظنّ؟ وهو أن تقرأ الآية الغير محكمة فتفسرها لوحدها وتريد أن تخرج بنتيجةٍ فلن تخرج إلا بنتيجةٍ ضالةٍ فيُناقض ظاهرها الآيات المحكمات الواضحات البيّنات في القرآن العظيم. وسوف تجد من الآيات المحكمات والتي تكلمت عن النّاس المؤمنين والكفار معاً فذكرت أعمال الخير والشر لذلك تجدها تكلمت عن الملكين (رقيب) و(عتيد). فتدبر جيداً قول الله تعالى: {كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ ﴿٩﴾ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ ﴿١٠﴾ كِرَامًا كَاتِبِينَ ﴿١١﴾ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ ﴿١٢﴾ إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ ﴿١٣﴾ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ ﴿١٤﴾ يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ ﴿١٥﴾ وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ ﴿١٦﴾} صدق الله العظيم [الإنفطار].
وأظنّك تبتغي تأويل القرآن ولكن في قلبك زيغٌ عن الحقّ لذلك تجد نفسك تتبع المتشابه والذي لا يعلم بتأويله إلا الله والراسخون في العلم وتترك الآيات المحكمات الواضحات البيّنات فلا تتّبعها وتنبذها وراء ظهرك وتتّبع ما تشابه في ظاهره مع ما تنطق به عن الهوى بالظنّ الذي لا يغني من الحقّ شيئاً، ولكنّي لا أنكر المتشابه بل إنّه من عند الله فأقول: كُلٌّ من عند ربنا المتشابه والمحكم ولكنّي لا أتّبع المتشابه مع قول الباطل في ظاهره؛ بل آتيك بالبيان الحقّ له وأفصّله من القرآن تفصيلاً، وأنفي تناقض القرآن في نظر الممترين فإنه لا يناقض بعضه بعضاً، ولكنهم لا يعلمون بتأويل المتشابه في القرآن فأضلَّهم المتشابهُ ضلالاً بعيداً فزادهم رجساً إلى رجسهم و ضلالاً إلى زيغهم عن القرآن المحكم الواضح والبيِّن والذي لا يُوافق هواهم.
https://nasser-alyamani.org./showthread.php?p=235335