- 7 - الإمام ناصر محمد اليماني 09 - 09 - 1430 هـ 30 - 08 - 2009 مـ
01:22 صباحاً
ـــــــــــــــــــ
لماذا لم يقل الله تعالى: [قال ربكم أعلمُ بما لبثتم]؛ بل قال: {قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُم بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ} صدق الله العظيم ؟
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمُرسلين وآله الطيبين الطاهرين والتابعين للحقّ إلى يوم الدين..
والجواب يا أولي الألباب المُتدبرين لآيات الكتاب وكانت أقرب الإجابات هي إجابة الأواب، ونزيدكم علماً عن سبب الجمع للمُخاطبين وردّ المُخاطب كذلك بالجمع، فأمّا سبب أنّ المُخاطب منهم خاطب بلسان الجمع، وقال: {قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا} صدق الله العظيم [الكهف:19]. وذلك لأنه لو خاطبهم بالمثنى فأصبح ليس منهم ولم يلبث معهم لو قال كم لبثتما وبما أنه منهم فهو يسألهم عن لبثهم جميعاً ولذلك كان الخطاب بصفة الجمع، فقال: {قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ} ثم ردوا عليه كذلك الجواب بالجمع لأنه المخاطب هو كذلك لبث معهم، ولذلك قالوا: {قَالُوا لَبِثْنَا}، ومن ثم جاء ردّ الجواب من السائل كذلك بالجمع لأنّه واحد منهم بعد أن سمع ردّ الجواب عن عدم التأكيد كم قدر لبثهم يوماً أو بعض يومٍ أو أكثر من ذلك ثمّ تكلم بالجواب الذي يشملهم هو والمُخاطبين جميعاً، ولذلك وقال: {قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ} [الكهف:19]. وذلك لأنّه واحدٌ منهم.
فتبيّنت لنا الحكمة بالحقّ من الخطاب للمثنى بالجمع في قوله: {قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا} وذلك لأنهم ثلاثة وليسوا اثنين، ولو قال (كم لبثتما) لأصبح الذي يخاطبهم ليس منهم ولم يلبث معهم وبما أنه منهم لا ينبغي أن يكون الخطاب بالمثنى لأن أصحاب الكهف سوف يصبح عددهم ليس إلا اثنان لو كان الخطاب بالمثنى، ولكن سؤالهم هو عن لبثهم ونفسه لأنه منهم، ولكن كلام الله دقيق في منتهى الصدق. فما رأيكم لو وجدنا أن السائل يقول (كم لبثتما) لأصبح السائل خارجاً عن عدد أصحاب الكهف، وكذلك لو قال السائل: (قال ربكم أعلم بما لبثتما) لأخرج نفسه أنه ليس منهم ولذلك ردّ عليهم باسمه واسمهم جميعاً فرد علم لبثهم لعلام الغيوب، ولذلك قال: {قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ} صدق الله العظيم [الكهف:19].
وذلك لأنه يتكلم بلسان الجمع ولم يخرج نفسه من عدد أصحاب الكهف لأنه واحدٌ منهم وقُضي الجواب عن الحكمة من المخاطب بلفظ الجمع وكذلك قُضي الجواب عن سبب قول المفرد باسم الجمع: {قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ}. وذلك لأنه واحدٌ منهم وهي النتيجة التي توصلوا إليها أنهم لا يعلمون جميعاً كم قدر لبثهم فتكلم عنهم بلسان الجمع لأنهُ واحدٌ منهم قد اتفقوا أنّهم لا يعلمون جميعاً قدر لبثهم ولذلك نطق باسم الجمع بالنتيجة التي توصلوا إليها: {قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ}.
إضافةً أنّ اللغة العربيّة لا تنفي خطاب المثنى بالجمع وإنما أردنا أن نزيدكم علماً عن السبب بقول المخاطب أنه لو قال كم لبثتما لأصبح خارجاً عن عدد أصحاب الكهف وكأنه دخيلٌ جديدٌ عثر عليهم، فحتماً سوف يسألهم بالمثنى لأنّ المخاطَبَين هما اثنان وبما أنه واحدٌ منهم ولذلك كان سؤاله عن لبثهم جميعاً، ولذلك قال كم لبثتم ((أي أنا وأنتم)) وذلك ردّه بحال الجمع: {قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ} صدق الله العظيم.
وسبق وأن فصّلنا عددهم وقصتهم وأسماءهم وشأنهم والحكمة من بقائهم، وسبق وأن أفتينا أنه يوجد هناك قول الحقّ في شأنهم الذي أحصى عددهم بالحقّ فجعله الله حدثاً مستقبلياً ولم يُقَل بعد وهو القول الأول: {سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ} صدق الله العظيم [الكهف:22].
وذلك هو القول الحقّ للمهديّ المنتظَر وأنصاره ليكونوا من آيات التصديق للحزب الحقّ الذي أحصى عددهم ولبثهم وقصتهم فيبعثهم الله للبشر ليعلموا الحقّ من ربهم أيّ الحزبين أحصى عددهم ولبثهم وقصتهم بالحقّ وما عداه باطل. تصديقاً لقول الله تعالى: {ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَىٰ لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا} صدق الله العظيم [الكهف:12].
وهذا هو بعثهم الأخير بعد انقضاء لبثهم الثاني والأخير لأنّ بعثهم الأخير هو شرطٌ من أشراط الساعة الكُبرى، وإنما الحكمة عن سبب العثور عليهم من قبل لكي يقوموا عليهم بالبنيان حتى تأتي الحكمة من بقائهم نائمين، ولم يحِط الذين عثروا عليهم من أمرهم شيئاً إلا أنهم علموا أنّ بقاءهم نائمين لا بدّ لله حكمةٌ بالغةٌ من ذلك ولذلك قالوا: {فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِم بُنْيَانًا رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ} صدق الله العظيم [الكهف:21].
وذلك لأنهم أدركوا أنّ لله حكمةٌ بالغةٌ من بقائهم فلم يجدوهم ميتين بل نائمين، حاولوا إيقاظهم ليسألوهم عن شأنهم وقصتهم فلم يستطيعوا إيقاظهم ثم أدركوا أنّ لله حكمة بالغة من بقائهم نائمين، ولذلك قرروا أن يقيموا عليهم بنياناً للتمويه حتى يأتي قدر الحكمة من بقائهم، ولكن الله قد أخبركم عن الحكمة من بقائهم في محكم كتابه، وقال الله تعالى: {وَكَذَٰلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا} صدق الله العظيم [الكهف:21].
والسؤال فمن هم الذين يعلمون: {أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا} صدق الله العظيم؟ فهل هم أصحاب الكهف ولكنهم ليسوا بمكذبين بالساعة، أم يقصد الذين عثروا عليهم {لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا}؟ ولكن الذين عثروا عليهم لم يتوصلوا أبداً إلى الحكمة من بقائهم وأنهم شرطٌ من أشراط الساعة الكُبَر؛ بل تنازعوا في شأنهم بالجدل فكلٌّ توقع لهم حكمة غير حكمة الآخرين ومن ثمّ لم يتوصلوا عن الحكمة من بقائهم، ولذلك قالوا: {فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِم بُنْيَانًا رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ} صدق الله العظيم [الكهف:21].
وبقي السؤال بدون جواب فمن هم المقصودون {لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا} صدق الله العظيم [الكهف:21]؟ إنهم أمّة أخرى في آخر الزمان في عصر أحداث أشراط الساعة الكبرى؛ إنهم أمّة المهديّ المنتظَر في عصر بعثه تلك هي الأمّة المعدودة في الكتاب الذي أخّر الله موعد العذاب إلى عصرهم. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَىٰ أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ لَّيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} صدق الله العظيم [هود:8].
وبقي معنا المزيد من البيان لقول الله تعالى: {لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا} صدق الله العظيم [الكهف:21]، فما هو وعد الله الحقّ؟ هو التصديق بوعده الحقّ: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (9)} صدق الله العظيم [الصف:9].
إذاً على يد من يظهر الله دين الحقّ على الدين كلّه في الأرض جميعاً؟ إنه في عصر المهديّ المنتظَر ناصر محمد اليماني خليفة الله في الأرض الذي سوف يظهره الله على العالمين جميعاً ويظهر به الله الدين الحقّ الذي جاء به خاتم الأنبياء والمُرسلين على الدين كُله في الأرض جميعاً فيهيمن به الله على كافة الأديان فيوحّد به الدين على العالمين أجمعين فيتمّ الله بعبده نوره ولو كره المجرمون ظهوره. فلماذا تنكرون يا معشر المُسلمين الداعي للبشر إلى عبادة الله الواحد القهار، فهل ترون دعوة ناصر محمد اليماني باطلاً ومنكراً وزوراً؟ {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} صدق الله العظيم.
ويا إخواني المُسلمين لقد جاءتني رسالة على الخاص يقول فيها أحد علماء الأمّة من الشيعة:
انتهى الاقتباس من بيان أمير الحاج يحيي (الموقوف وليس من قبلنا وسوف يُرفع عنه الحظر ليأتينا بحُجته)،ثم نردّ عليه بالجواب الحقّ عن أهم ما اقتبسنا من بيانه وهو قوله:
ونقول يا أيها الأمير الحاجّ يحيي، من ذا الذي أفتاك أنّ ناصر محمد اليماني يقول لكم صدقوني أني المهديّ المنتظَر الحقّ من ربّكم؟ بل تجدنا نفتي كافة الأنصار والزوار بالحقّ فنقول: اعلموا أنّ لكُل دعوى برهانٌ، فإذا لم أهيمن عليكم بالعلم والسُلطان بالبيان الحقّ للقرآن الذي يقبله العقل والمنطق فإذا لم أفعل فلست المهديّ المنتظَر ما لم آتيكم ببرهان البيان الحقّ للقرآن مما علمني الرحمن بوحي التفهيم وليس وسوسة شيطانٍ رجيمٍ، فلكل دعوى برهان. فلنحتكم إلى القرآن لكي نعلم أيّنا على الحقّ وأحسن تفسيراً. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا} صدق الله العظيم [الفرقان:33].
وذلك لأنّ الله زادني عليكم بسطةً في العلم كما زاد خليفته آدم بسطةً في العلم على الملائكة ليكون برهان الخلافة في كُلّ زمانٍ ومكانٍ لمن اصطفاه الله خليفة ًوإماماً، وكذلك كما زاد الإمام المُصطفى لبني إسرائيل الإمام طالوت، وقال لهم نبيهم: {وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (274)} صدق الله العظيم [البقرة].
وأمّا بالنسبة لفتواك بغير الحقّ في قولك:
ثم نقول لك إنه لا خوف عليكم لئن صدقتم بأنّ ناصر محمد اليماني اصطفاه الله خليفةً عليكم ثم صدقتموه لأنّه يحاجكم بآيات ربكم البيّنات فلا لوم عليكم ولا إثم إن صدقتم أنّه المهديّ المنتظَر بعد أن حاجكم بآيات الله من محكم كتابه، فحتى وإن لم يكن المهديّ المنتظَر فعليه كذبه ولن يصبكم سوءٌ بسبب تصديقه ولا خسارة ما دام يدعوكم إلى عبادة الله وحده ويقول ربي الله وربكم فاعبدوه. ولكن الكارثة عليكم أيها الأمير يحيي لو كان ناصر محمد اليماني هو حقاً المهديّ المنتظَر وأنتم عنه مُعرضون، فأين أنت من حكمة مؤمن آل فرعون الذي قال: {أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ} صدق الله العظيم [غافر:28]؟ ثم أفتاهم أنه لا مشكلة إن كان موسى كاذباً وعليه كذبه ولكن المشكلة أن يكون صادقاً يصبكم ببعض الذي يعدكم، فتدبر قول الحكمة المناقضة لحكمتك أخي الكريم وأرجو من أحد الأنصار أن يأتيه بالآيات من منطق مؤمن آل فرعون نظراً لأني مضطر للانصراف للسحور.
وسلامٌ على المُرسلين، والحمدُ لله ربّ العالمين..
الإمام ناصر محمد اليماني.
ــــــــــــــــــــــــ