سلام الله عليكم أحبّتي في الله، أضع بين أيديكم تدبّري البسيط.
قال تعالى في قصّة يوسف عليه الصّلاة السّلام و إخوته: قَالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِم مَّاذَا تَفْقِدُونَ (71) قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَن جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ (72) قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُم مَّا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ (73) قَالُوا فَمَا جَزَاؤُهُ إِن كُنتُمْ كَاذِبِينَ (74) قَالُوا جَزَاؤُهُ مَن وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ ۚ كَذَٰلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (75) فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِن وِعَاءِ أَخِيهِ ۚ كَذَٰلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ ۖ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ ۚ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاءُ ۗ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ (76) .
لقد دبّر الله تعالى الأمر لنبيّه و صفيّه يوسف عليه الصّلاة و السّلام ليأخذ أخاه بنيامين من إخوته لكي لا يشكّوا في أمره بادئ الأمر فجعل السّقاية في رحل أخيه و أرسل جنوده على أثر العير يستنفرهم ليبدوَ الأمر كأنّه خطب عظيم ثمّ ليتبيّن لهم أنّ الخطب هو سرقة صواع الملك و هذا لحدّ ذاته جرم عظيم قال تعالى: فَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ (70).
و لمّا أنكر إخوة يوسف عليه الصّلاة و السّلام الأمر برمّته و قالوا ما عاذ الله إن كنّا مفسدين، قال تعالى: قَالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِم مَّاذَا تَفْقِدُونَ (71) قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَن جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ (72) قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُم مَّا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ (73).هنالك بدأ الجند بتنفيذ خطّة يوسف عليه الصّلاة و السّلام و قالوا لإخوته: هذا إن صدقتم أنّ صواع الملك ليس معكم و لكن ماذا لو كذبتم فما جزاء السّارق في شريعتكم؟ فانظروا لقوله تعالى: قَالُوا فَمَا جَزَاؤُهُ إِن كُنتُمْ كَاذِبِينَ (74) قَالُوا جَزَاؤُهُ مَن وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ ۚ كَذَٰلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (75) فأقرّوا أن لا يُؤخذ أحد بجريرة غيره و لا يُعاقب إلّا صاحب الفعلة وحده لأنّهم أنكروا أنّهم من المفسدين لذلك قالوا: كَذَٰلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ .
فرضي الجنود بحكمهم تطبيقا لخطّة يوسف عليه الصّلاة و السّلام و بدأوا بأوعيتهم قبل وعاء أخيه و استحكمت الخطّة و استخرجت الصّواع من رحله و أُخذَ لوحده دون إخوته نزولا عند شريعتهم شريعة إبراهيم و إسحاق و يعقوب و يوسف عليهم الصّلاة و السّلام و ليست شريعة مَلك مصر الذّي كانت لتجزّ بهم جميعا في السّجن و هكذا كاد الله الأمر ليوسف عليه الصّلاة و السّلام ما كان ليأخذ أخاه بقانون ملك مصر إنّما أخذه بشريعة الله التّي أقّرها إخوته و هذا من لطائف الله و إحسانه على أصفياءه من عباده يُدبّر لهم الأمر و يكيد كيدا و لا يجعل للكافرين عليهم سبيلا.
و يبقى القول الفصل لقرّة عيني إمامي الحبيب ناصر محمد اليماني.